من بين رموز الحركة الإسلامية المعاصرة بقيت مشاعري محايدة
تجاه الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين, فلا أنا تعاطفت معه و أحببته
مثل الإمام محمد عبده و غيره, و لا أنا انتقدته أو هاجمته كما فعلت مع بعضهم, و في
نهاية السبعينيات و مطلع الثمانينيات, حين كنت في مرحلة الطلب بالجامعة, كانت
رسائل حسن البنا متوفرة, فقد كانت الجماعة الإسلامية منذ أن أُتيح لأعضائها
السيطرة على الإتحادات الطلابية, تنشر بميزانية الإتحاد أعمال البنا و سيد قطب و
غيرهما بدلاً من أن توظف هذه الميزانية في الأنشطة و الخدمات الطلابية, و حاولت أن
أقرأ رسائل البنا, لكنها لم تستهوني, فلم أجد فيها حرارة أسلوب سيد قطب و صوته, و
لا لمحت فيها جهد الباحث و العالم كما هي الحال في بعض أعمال الشيخ محمد الغزالي
التي أُتيح لي قراءتها في ذلك الوقت, كنت أشعر أنه متعجل في الكتابة, و تفتقد
كلماته إلى الضبط المنهجي و العلمي, و استشهاداته بالآيات القرآنية لا تنم عن فهم
عميق للقرآن الكريم, و غالباً تأتي استشهاداته في غير مواضعها؛ لذا تركته و تركت
أعماله, و لم أنشغل به.. ثم فرضت علي الظروف أن أقرأ أعماله كلها, منتصف
التسعينيات, حين كنت أعد كتابي عن سيد قطب و ثورة يوليو.. و لم يكن هو الهدف, كنت
أحاول التعرف على العالم الذي ألقى سيد قطب نفسه فيه, نهاية الأربعينيات, خاصة أن
سيد قطب له مقالاً مطولاً عن حسن البنا, حمل العنوان "حسن البنا و عبقرية
البناء".
و كنت ألاحظ حب الإخوان الذي يصل حد التقديس لمرشدهم حسن
البنا, و من يراجع سجل الإنتاج العلمي و أعمال الإخوان لن يجد أنهم أصدروا كتاباً
يمكن الوقوف أمامه عن حياة و سيرة النبي محمد (صلى الله عليه و سلم), و لا كتاباً
ذا قيمة عن أبي بكر الصديق, أول الراشدين و الذي لولاه لتبدد الإسلام بعد وفاة
النبي, و هكذا الحال بالنسبة إلى شخصيات عظيمة و مؤثرة في تاريخ الإسلام كله, بينما
أصدروا العديد من الكتب و الدراسات عن حياة البنا و سيرته, و منحوه صفات مذهلة
يصعب أن تجتمع في إنسان, و كانت بعض الآراء فيه و التصورات عنه تحمل قدراً من
الشطط..فهناك كتاب صدر للأطفال الصغار عنوانه "حسن البنا.. مُنشيء الدعوة
الإسلامية". و لو صح هذا, و هو غير صحيح, فماذا عن النبي محمد و ماذا عن
صحابته رضوان الله عليهم؟!, و مع ذلك كنت أفهم ذلك على أنه جزء من ظاهرة عامة لدى
الكثيرين في مختلف التيارات الفكرية و السياسية, حيث يركز كل منها على شخص أو رمز,
جعلوه قبلتهم, و عادة ما ينتمي ذلك الشخص الرمز إلى مرحلة مضت, الوفديين تسمر
وعيهم عند سعد زغلول و سنوات العشرينيات من القرن العشرين, الناصريون أو بعضهم
فعلوا الشيء نفسه مع جمال عبدالناصر, و هكذا..
و في كل مؤتمرات جماعة الإخوان المسلمين و ندواتهم و مطبوعاتهم تجد صور حسن البنا و بعض كلمات له و لن تجد شيئاً من ذلك بالنسبة إلى من تلاه من مرشدي الجماعة, و للوهلة الأولى يبدو ذلك مستفزاً للمراقب من بعيد, لكن في أدبيات الجماعة, فإن شخصية حسن البنا أو الإمام الشهيد تكاد أن تكون مقدسةو و الغريب في الأمر أنه لم يكن كذلك في حياته, فقد اختلف معه بعض الإخوان و انشق عنه بعضهم, و هاجمه عدد منهم, وصل الأمر أن أحمد السكري, الذي كان الرجل الثاني في الجماعة و شريك حسن البنا في تأسيسها و رفيق عمر البنا اتهمه بالكذب و بأشياء أخرى, و طعن بعضهم في ذمته المالية, و اتهمه كل من انشق عن الجماعة بالتسلط و الديكتاتورية, و أنه يتحدث عن الشورى لكنه لا يعملها بالمرة, أما بعد عودة الإخوان إلى النشاط في السبعينيات فقد اجتهدوا في تقديم مرشدهم الأول, في صورة الإنسان المثالي, لن تسمع منهم أنه وقع في هفوة أو ارتكب خطأ و لو صغيراً.. و هو أمر يصعب أن نجده في تناول سيرة أي إنسان مهما كان, فلا يوجد إنسان مضت حياته بلا خطأ ارتكبه, حتى لو كان خطأ صغيراً.. و الحديث النبوي يقول: كل ابن آدم خطاءٍ, حتى في تناولنا لسير الأنبياء يصعب أن نجردهم مما هو إنساني, ففي القرآن الكريم تجد عتاباً من الله سبحانه و تعالى للنبي محمد, خاتم الأنبياء و المرسلين.. مثلاً قوله تعالى عن النبي (عَبَسَ و تَوَلَّى* أن جاءَهُ الأعمى* و ما يُدريك لعله يَزَّكى). و هناك تحذير في القرآن لسيدنا موسى من أن يصبح جباراً, و هكذا, لكن حسن البنا عند تابعيه غير ذلك. إنه الإنسان الكامل و أكاد أقول الأكمل, و مع ذلك لم يشغلني هذا كثيراً, هم و شأنهم.. ذلك لمرشدهم و هم أتباعه..
و في كل مؤتمرات جماعة الإخوان المسلمين و ندواتهم و مطبوعاتهم تجد صور حسن البنا و بعض كلمات له و لن تجد شيئاً من ذلك بالنسبة إلى من تلاه من مرشدي الجماعة, و للوهلة الأولى يبدو ذلك مستفزاً للمراقب من بعيد, لكن في أدبيات الجماعة, فإن شخصية حسن البنا أو الإمام الشهيد تكاد أن تكون مقدسةو و الغريب في الأمر أنه لم يكن كذلك في حياته, فقد اختلف معه بعض الإخوان و انشق عنه بعضهم, و هاجمه عدد منهم, وصل الأمر أن أحمد السكري, الذي كان الرجل الثاني في الجماعة و شريك حسن البنا في تأسيسها و رفيق عمر البنا اتهمه بالكذب و بأشياء أخرى, و طعن بعضهم في ذمته المالية, و اتهمه كل من انشق عن الجماعة بالتسلط و الديكتاتورية, و أنه يتحدث عن الشورى لكنه لا يعملها بالمرة, أما بعد عودة الإخوان إلى النشاط في السبعينيات فقد اجتهدوا في تقديم مرشدهم الأول, في صورة الإنسان المثالي, لن تسمع منهم أنه وقع في هفوة أو ارتكب خطأ و لو صغيراً.. و هو أمر يصعب أن نجده في تناول سيرة أي إنسان مهما كان, فلا يوجد إنسان مضت حياته بلا خطأ ارتكبه, حتى لو كان خطأ صغيراً.. و الحديث النبوي يقول: كل ابن آدم خطاءٍ, حتى في تناولنا لسير الأنبياء يصعب أن نجردهم مما هو إنساني, ففي القرآن الكريم تجد عتاباً من الله سبحانه و تعالى للنبي محمد, خاتم الأنبياء و المرسلين.. مثلاً قوله تعالى عن النبي (عَبَسَ و تَوَلَّى* أن جاءَهُ الأعمى* و ما يُدريك لعله يَزَّكى). و هناك تحذير في القرآن لسيدنا موسى من أن يصبح جباراً, و هكذا, لكن حسن البنا عند تابعيه غير ذلك. إنه الإنسان الكامل و أكاد أقول الأكمل, و مع ذلك لم يشغلني هذا كثيراً, هم و شأنهم.. ذلك لمرشدهم و هم أتباعه..
No comments:
Post a Comment