Saturday, February 22, 2014

قصيدة أدونيس : بيرسي بايسش شلي

(مرثية لموت جون كيتس )
(مقاطع)
1
سلاما، سلاما، انه لم يمت ولم يرقد
لكنه استيقظ من حلم الحياة ....
اننا نحن الذين أضعنا في العجاج الرؤية
نحتفظ بأوهامنا ، كفاحنا اللامجدي
وفي تجل مجنون، نطعن بسكين أرواحنا اللاشيء المنيع...
اننا نتفسخ مثل جثث في مقبرة
الخوف والحزن يهزنا ويستهلكنا يوما بعد يوم
وآمالنا الباردة تتزاحم كالديدان في طينتنا الحية...
2
لقد حلق أعلى من عتمة ليلنا
الحسد والافتراء والكره والألم
وذلك اللامريح الذي يدعونه الرجال خطأ ، بهجة
لايمسه ولن يعذبه مرة أخرى
انه بأمان من عدوى أن يلوثه العالم...
والآن لن نستطيع النواح
فقد برد القلب، وغدا الرأس رماديا بلا جدوى
من شظايا الرماد الكامن في الإناء الذي لاينوح .
3
انه يحيا، انه ينهض، والموت يموت، وليس هو
لا تنح لأجل أدونيس أيها الفجر الفتي
واجعل كل نداك متألقا، لأنه منك
فالروح التي تبكيها لم ترحل...
الكهوف والغابات كفت عن النواح
وكفت الأزهار الضئيلة والنوافير ، وأنت أيتها الريح
التي تشبه حجاب الحداد وقد القي وشاحك فوق الأرض المهجورة
دعي وشاحك عاريا الآن
حتى للنجوم المسرورة التي تبتسم على الرغم من اليأس .
4
لقد توحد مع الطبيعة وهناك يسمع صوته في كل موسيقاها
من هزيم الرعد لأغنية طائر الليل الجميل
انه يفترض أن يحس به ويعرف
في الظلام والضياء ، من العشب والصخر
تنشر نفسها أينما تحركت تلك القوة
التي تسترجع كينونته اليها
وتدير العالم بحب لا ينفذ أبدا
يمدها بالحياة من العمق ويوقدها عاليا .
5
انه جزء من الجمال الذي جعله مرة أكثر جمالا
انه يحمل جزئه الخاص به
بينما الآخر إبداع الروح الحازمة
تحصده من خلال العالم الكثيف الكئيب
كل نجاحات جديدة تتقلد إشكالها
وترفض الفضلات المتمنعة التي تعيق انطلاقها لهدفها .
ككل عمل يتشكل مندفعا في جماله الخاص وفرادته
في الشجر والبهائم والناس في ضياء السماء .
6
القبة الزرقاء المتألقة للزمن
ربما يعتريها الكسوف ، لكنها لاتنطفئ
كالنجوم، تحدد ارتفاعها الذي سترتقيه
والموت ضباب واطئ لن يستطيع محو الألق المتواري
حينما يرفع فكر سام القلب الفتي فوق سرير الغناء
والحب والحياة يكافحان من اجل ما سيكون نصيبهما الأرضي...
الميت الحي يتجول هناك مثل التفافات الضوء على الظلام
والريح العاصفة.
7
الوارثون لشهرة عدم الاكتمال برزوا من عروشهم
وبنوا خلف الأفكار بعيدا في اللامرئي !!!
تشاتيرون نهض شاحبا ولم يذبل بعد ألمه المقدس .
سدني كما كان يقاتل وكما سقط
وكما عاش وأحب بتسام وديع
كروح بلا موضع
و لوكان بموته المستحسن
تضاءل النسيان حينما برزوا كشيء مستهجن .
8
وأكثر من ذلك الذين أسماؤهم على الأرض ظلام
لكن انتقال تأثيرهم لايموت
طويلا كالنار التي تعمر من مصدر الشرارة
يدوا وقد سرقوا الق الابدية
انهم يصيحون " لقد أصبحت كواحد منا "
لقد كان من أجلك ذلك المدار الملكي الذي ظل طويلا
يتأرجح أعمى ولايتسامى بجلال
صامتا وحيدا وسط أغنية السماء
يؤمن بعرشك المجنح لأنك نجمة المساء لجمعنا الغفير .
9
من ينوح لأجل أدونيس ؟
آه هلم وانظر تجد الشقاء !
وتعرف نفسك وإياه جيدا
تتضافر مع روحك الملهوفة الأرض المترجرجة
كما من المركز ينطلق ضوء الروح خلف كل العوالم
حتى يملأ عزمها الرحيب فراغ المدار
ثم ينكمش لحد النقطة في يومنا وليلنا
ويحتفظ بنور القلب كي يجعلك تغوص
حينما يوقد الأمل أملا ويغريك بالهاوية .
10
أو فلتذهب الى روما التي هي ضريح
آه ، ليس له ، لكن لمتعنا التي لم تك شيئا في تلك العصور ،
الإمبراطوريات والديانات ترقد هناك
مدفونة فيما شيدت من خرائب
لأجل هذا وكما يستطيع أن يعطي
فأنهم لايعيرون المجد لأولئك الذين جعلوا العالم ضحيتهم
وانه ليختزن من ملوك الفكر
الذين راهنوا على الكفاح ضد ذبول أيامهم
ومن الماضي لم يكن كل ذلك ليموت.
11
فلتذهب الى روما فهي مرة النعيم ، القبر ، المدينة والبرية
واين حطامها الذي يشبه كسر الجبال الواقفة
وأعشاب تزهر وأشجار عطرة مقصوصة
عظام خرائب الماضي عارية ،
الى أن تقود روح المكان خطواتك
الى منحدر من مدخل أخضر
كابتسامة أطفال فوق الموتى
وضحكة الضوء تزهر على طول العشب وتنتشر .
12
الجدران الرمادية تتعفن
والزمن الكئيب يقتات عليها
كالنار البطيئة في جمرة شائبة
وهرم بأساس متين يؤوي غباره
من أسس هذا المأوى لذاكرته
انه يقف، يمتد الحقل وعليه القادمون الجدد مرحبين به
وقد أوقف موتهم ابتسامة السموات
نحن نفقد مع الخوف النفس الخامد .
13
هنا تقف هذه القبور وكلها مازالت طرية بعد
لكي تتقادم من الحزن الذي يسلمها لهمومها اذا احكم الغروب هنا ،
التفت نحو نافورة للنواح ولاتكسرها !
وكن متأكدا ستجدها مملوءة اذا عدت الى البيت من الدموع والمرارة
من أفضل ريح في العالم تبحث عن ملجأ في ظل القبر
ما هو أدونيس ولماذا نخاف أن نكون مثله ؟
14
والذي تبقى، الكثير من التغير والضياع
نور السماوات يضيء أبدا وتفر ظلال الأرض
والحياة تشبه قبة من الزجاج الملون
تلطخ البياض الناصع للأبدية
الى أن يسحقها الموت الى شظايا
فلتمت اذا ما كنت تريد أن تكون مع الذين تبحث عنهم
واتبعهم أينما يهربون في سماء روما اللازوردية
باهتة كلها:- الزهور، الآثار، النصب، الموسيقى والكلمات
فالمجد الذي ينقلونه مع الحقيقة المناسبة للكلام .
15
أيها القلب لماذا الإبطاء ، لماذا النظر الى الوراء ، لماذا الانكماش ؟
لقد ذهبت آمالك من قبل: كل الأشياء من هنا قد غادرت
ويجب عليك أن تغادر الآن
الضياء يتلاشى من حول العالم
الرجل والمرأة وما لا يزال عزيزا يجتذب الحطام
تداريه كي تذل
السماء الطرية تبتسم، والريح الهادئة تهمس قربك
آه انه أدونيس يناديك فلتسرع نحوه
لامزيد ، لابتدع الحياة تقطع ما الموت يستطيع ضمهم سويا .
16
ذلك النور الذي ابتسامته توقد الكون
ذلك الجمال الذي كل الاشياء فيه تعمل وتتحرك
تلك البركة التي تمنع اللعنة
لعنة الولادة العطشى ، ذلك الحب الداعم
من خلال التشابك في كوننا نسيجا أعمى
من الإنسان والنحل والأرض والريح والبحر
تتوهج ضياء أو عتمة، لأن كلا منهم مرايا من نار نتوق لأجلها
النور مسلط علي
مستهلكا آخر غيوم الابدية الباردة .
17
النفس الذي استدعيته في الأغنية ينحدر الي
ويتسارع صراخ روحي
بعيدا عن الشاطئ، بعيدا عن الجمع المضطرب
أولئك الذين لاتمنح أشرعتهم أبدا للعاصفة ...
الأرض ومدار السماوات يتصادمان
بينما يحرق خلال الرعاية حجاب السماء
روح أدونيس كالنجمة
منارة من منزل تحل فيه الابدية .
_____________
المصادر:
1. الرومانتيكية في الأدب الانكليزي : ترجمة د. عبد الوهاب المسيري سلسلة الألف كتاب – مصر 1964.
2. Shelly "A collection of Critical Essays". Edit By: George .M. Ridenuor. Newjeresy 1963 prentice–hall Inc.
*
ترجمة: عمار كاظم محمد
*
*أدونيس :- هذه المرثية كتبت قبل وفاة شللي بسنة واحدة وبعد وفاة كيتس بثلاثة أشهر أي عام 1821 .
لم يولد موت كيتس في نفس شللي أسفا من اجل شاعر من أعظم عبقريات عصره فحسب ، بل غضبه الشديد على النقد العنيف الذي وجه الى أعماله آنذاك والذي كان شللي يعتقد انه عجل بموته ، وفي هذه المرثية التي تشبه في الشكل بعض المرثيات الكلاسيكية (مثل نواح بيون الشاعر الإغر
يصور الشاعر جمهرة النائحين، ربة الشعر يورانيا ، وربات الأحلام والرغبات، ورب الصباح والربيع وإخوانه من الشعراء الذين قضوا في أعمار صغيرة كشاتيرون الذي توفي بعمر 17 عاما وسدني بعمر 31 و لوكان بعمر 26 . انه يأسف لضياع الموهبة فكل هؤلاء قد أحضروا تذكارات لكفن
تعرف المرثية بأنها شعر يكتب عن الموت لكننا نرى هنا أن أدونيس يمثل رمز الحياة التي تتجدد في الطبيعة وكأنما أدونيس هو تموز أو(دموزي) كما يسمى في الأساطير السومرية .
يقول الناقد الأمريكي هارولد بلوم تمثل مرثية شللي رثاء (شللي الشاعر لكيتس الشاعر وهي تقسم على حركتين أساسيتين : الاولى في ثمانية وثلاثين مقطعا والثانية في آخر سبعة عشر مقطعا وقد كتبت على شكل مقاطع سبنسرية (اب،اب،ب ج، ب ج ،دد....الخ) وتمثل آخر سبعة عشر مقطع
وعلى الرغم من أن المقاطع الثمان والثلاثون الاولى أكثر وضوحا مما بعدها لكنها أقل إلهاما في هذه المرثية ولهذا السبب فضلنا أن نترجم آخر سبعة عشر مقطعا منها لأنه أفضل ما في المرثية نظرا لطولها المفرط وطبقا لقول هذا الناقد الكبير.

No comments:

Post a Comment