Monday, February 4, 2013

مسألة العلاقة بين المسلمين و غير المسلمين



و من الدلالات التي أسقطها التطور التاريخي و يجب على الفكر الديني مناقشتها بوصفها شواهد تاريخية, مسألة العلاقة بين المسلمين و غير المسلمين.
 و في الخطاب الديني المعاصر نجد المتشددين يتمسكون بحرفية "أخذ الجزية" و "الخضوع" بينما يحاول المعتدلون تأكيد مبدأ "المساواة" و الإلحاح على المشاركة في الوطن أو التساوي من حيث "المواطنة". و من المؤكد أن الإستناد إلى دلالة النص الحرفية يقوي موقف المتشددين في مواجهة المعتدلين الذين لا يقدمون حلاً أو تأويلاً لتلك النصوص.
لقد أدرك المسلمون أن ما ورد في النصوص عن ضرورة قتل المشركين الذين لا ينطبق عليهم مصطلح "أهل الكتاب" وَرَدَ على سبيل التهديد و الوعيد, لذلك لم تحدث عمليات قتل جماعية لأولئك الذين لم يدخلوا الإسلام و لم يكونوا من أهل الكتاب. و لقد اجتهد فقهاء المسلمين و اعتبروا أهل فارس من المجوس عبدة النار, و كذلك المانوية و الزرادشتية, بل و الهندوس, مثل أهل الكتاب على سبيل القياس, و قبلوا منهم الجزية. و كان الدافع وراء الإجتهاد مصلحة الأمة التي كانت ستصاب بالضرر دون شك لو تم ارتكاب مذابح جماعية للقُوَى المنتجة في المجتمعات المفتوحة.
كانت المصلحة بحسب الواقع الإجتماعي-التاريخي و بحسب رؤية الفقيه لهذا الواقع هي أخذ الجزية. و الآن و قد استقر مبدأ المساواة في الحقوق و الواجبات بصرف النظر عن الدين و اللون و الجنس لا يصح التمسك بالدلالات التاريخية لمسألة الجزية.
______________________
المرجع: نقد الخطاب الديني, نصر حامد أبوزيد, المركز الثقافي العربي.

No comments:

Post a Comment