Wednesday, May 8, 2013

نوال السعداوي: ليس هذا مكانك!




المدرسة أحببتها في طفولتي. فالمدرسة تعني الخروج من البيت. البيت ضيق لا يتسع لحركتي. و الشارع واسع طويل بغير بداية و لا نهاية. الناس كثيرون بغير عدد كالنجوم. عواميد النور لا أول لها و لا آخر. السيارات تجري بأقصى سرعة و الترام يسير فوق القضبان يصلصل بالجرس. أبواق السيارات. أصوات الباعة و هم ينادون. دبيب أحذية الناس فوق الأسفلت. إلى جواري يسير أبي يمسك يدي. وقع قدميه في أذني. الخطوة وراء الخطوة ثابتة قوية. رأسه مرفوع. يرتدي بدلة صوفية و ربطة عنق. تقف له الناظرة بإحترام و تقول له يا بيه. أصابعه طويلة ناعمة و أظافره نظيفة مقصوصة. جدتي أصابعها مشققة و أظافرها سوداء. بيتنا مفروش بالسجاجيد. و بيتها أرضه تراب. ترشه بالماء و تفرش الحصيرة الطويلة الممتدة بطول الدار. تضع الوسائد القطنية لأبي و أخيه الأكبر غير الشقيق. أقول له عمي الشيخ. عمتي تجلس على الحصيرة بدون وسادة. يداها مشققتان و أظافرها سوداء. عمي الشيخ يداه ناعمتان و أظافره نظيفة مقصوصة. تعلم في الأزهر و أصبح مُدرِّساً للشريعة يرتدي العمامة.

لماذا لم تعلمي بناتك يا جدتي مثلما علمتِ الولدين؟ و تشوح جدتي بيدها المعروقة. عندي ست بنات و ليس عندي مصاريف المدرسة. و يهتف عمي الشيخ من فوق الوسادة. البنت للزواج و البيت. ابنته زَوَّجها قبل أن تبلغ سن الرشد. لا يناديها بإسمها. يقول لها يا بت. لا يبتسم في وجهها أبداً.
أبي يناديني بإسمي و يبتسم في وجهي. عمي الشيخ صوته خشن عالِ لا يعرف إلا الشخط. أبي صوته هاديء لا يشخط أبداً. حتى الشحاذة الفقيرة التي تعطيها جدتي بعض أكواز الذرة يبتسم في وجهها و يرد عليها التحية. عمي الشيخ يطردها بصوت خشن: إمشي يا بت!

لم يكن أبي و عمي يتفقان. كل منهما نقيض الآخر. وجه عمي بدا لي كالشيطان. مليء بالشعر و عيناه دائماً غاضبتان. ما إن يراني جالسة في الدار مع أبي و الرجال حتى يقول: لا تجلسي معنا. ليس هذا مكانك. و لا أتحرك من مكاني. تلتقي عيناي بعيني أبي. يبتسم أبي و يقول صوت هاديء, دعها تجلس معنا مثل أخيها. و يصيح عمي. أخوها ولد و هي بنت, و الشريعة تمنع إختلاط البنت بالرجال. و يرد أبي: لا يا فضيلة الشيخ, الشريعة لا تمنع الإختلاط و ابنتي تخرج وحدها كل يوم إلى المدرسة.

كنت أنظر إلى إبنة عمي بإشفاق. أحمد الله بيني و بين نفسي. لو كان عمي الشيخ هو أبي لتزوجت مثلها رجلاً لم أره و أنجبْت منه عشرة أطفال و نسيت حروف إسمي.
و سألت أبي ذات يوم. كيف لا يفهم عمي الشريعة مع أنه يُدَرِّس الشريعة للناس؟ و قال أبي: الشريعة يا إبنتي هي ما ينفع الناس و ما يرفع عنهم القيود. و الجهل قيد. و المعرفة نور. و أنا أريد لك النور و ليس القيود. إعرفي كل شيء. واجهي الحياة بعينين مفتوحتين. لا تختفي وراء الحجاب.

تعودت منذ الطفولة أن أسير و وجهي للشمس. أبي لم يُحَرِّم المعرفةة. قطفت الثمرة من الشجرة من دون أن أكون حواء الآثمة.

نوال السعداوي16-2-1987

Saturday, April 27, 2013

أحد الشعانين



أحد الشعانين هو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو القيامة ويسمى الأسبوع الذي يبدأ به باسبوع الآلام ,وهو يوم ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس، ويسمى هذا اليوم أيضا بأحد الزعف أو الزيتونة لأن أهالي القدس إستقبلته بالزعف والزيتون المزين وفارشاً ثيابه وأغصان الأشجار والنخيل تحته لذلك يعاد استخدام الزعف والزينة في أغلب الكنائس للإحتفال بهذا اليوم. وترمز أغصان النخيل أو السعف إلى النصر أي أنهم استقبلوا يسوع المسيح كمنتصر

كلمة شعانين تأتي من الكلمة العبرانية "هو شيعه نان" والتي تعنى يارب خلص. ومنها تشتق الكلمة اليونانية "اوصنا" وهي الكلمة التي استخدمت في الإنجيل من قبل الرسل والمبشريين. وهي أيضا الكلمة التي إستخدمها أهالي أورشاليم عند استقبال المسيح في ذلك اليوم.

من طقوس هذا اليوم في الكنيسة الأرثوذكسية قراءة فصول من الأناجيل الأربعة في زوايا الكنيسة وأرجائها رمزا للتبشير بالإنجيل في جميع أرجاء العالم.

جاء المسيح كابن الله معلماً وكارزاً (بحسب المعتقد المسيحي). دعا الناس إلى التوبة والخلاص. علّمهم المحبة، محبة الله ومحبة القريب. أحبهم، عطف عليهم وساعدهم, فرح مع الفرحين، وتألم مع المتألمين. عمل العجائب، فأشبع الجياع وسقى العطاش، شفى المرضى وأقام الموتى. ولكن جوهر رسالته كان الخلاص والفداء، فآمن الكثيرون به وبرسالته. وأراد الكثيرون أن ينصبوه ملكاً عليهم، لكي يمنحهم القوة والغلبة على أعدائهم. ولكن المسيح أفهمهم أن مملكته ليس مملكة أرضية بل سماوية.
أحد الشعانين هو المدخل الكبير لأسبوع الآلام الذي سيتمم فيه الرب رسالته على هذه الأرض. صعد إلى القدس ليتمم النبوءات حيث سيعلق على خشبة الصليب، هذا العرش الذي منه سيحكم إلى الأبد جاذبًا الخليقة كلها نحوه ليفتديها.

"نسبحك، نباركك نسجد لك، نمجّدك نشكرك من أجل عظيم مجدك، وأوصنا في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة."

وكل عام وأنتم بألف خير.............

Tuesday, April 23, 2013

"عين العقل"




حقيقة وليست خيال

دائما يقول المصريون
علي الكلام الصائب الحكيم

"عين العقل "

وفي الحقيقة ان المصريون رمزوا لعين حورس
برمز تشريحي في مخ الانسان
فإذا فتحت المخ من منتصفه
ستجد الفص الأوسط من المخ
ماهو الا صورة طبق الأصل لعين حورس
أي عين العقل
فهي الجزأ الذي يري ويتحكم في وظائف الجسم

أي حضارة هذه؟
وأي علم توصل له المصريون
منذ ألاف السنين؟
ألا يستدعي هذا أن نرفع صوتنا عاليا
ونهتف جميعا

عظيمة يا مصر

يا أم العلم والحضارة

أليكس جونز: حقيقة ما يحدث في سوريا و التضليل الإعلامي


Monday, April 22, 2013

الجهل المقدس – Bokra news

لماذا يرفض الناس الأفكار الجديدة الغير تقليدية الغير نمطيةالصحيحة و يهاجمون صاحبها؟!



(1) من منظور نفسي, ليس من السهل استيعاب هذه المعلومات و الأفكار فلا يمكن لأحدهم أن يقبلها ثم لا يعمل بها, فإن الدماغ يعي أن هذه المعلومة ستجبره على إعادة ترتيب نفسه و برمجة معظم المعلومات المُكتسبة على مر السنين, لذا فإن الدماغ سيقاوم لأن هذه العملية تتطلب مجهوداً عقلياً عالياً و أفضل طريقة لتجنب مثل هذا المجهود هو بنبذ المعلومة أو الفكرة.

(2) السبب الآخر يتمحور حول الغرور فبسبب غرور الشخص قد يحاربك و معلومتك لأنه يعتقد أنه أفضل منك, فهو لا يتسطيع أن يتقبل فكرة أنك اكتشفت حقائق مهمة قبله لذا كدفاع عن غروره سيكذب حقائقك.

(3) في حالات عديدة يكون الشخص مرتاحاً جداً في اسلوب حياته السريعة و لا يريد تغييره لأنه لا يهتم بما يحدث حوله في العالم, فهم مهتمون بأنفسهم فقط.

(4) يجب أن تفهم.. معظم هؤلاء ليسوا مستعدين لينفصلوا,  فهُم معتمدين جداً على النظام و البيئة من حولهم لدرجة أنهم سيحاربون لحمايتهما.

(5) إنهم يؤمنون و يقدرون صوت النظام و البيئة من حولهم حيث أصبحا المتحكمان الأساسيان بواقعهم.

Sunday, April 21, 2013

الجهل المقدس


                                       
نظرت إلى الحال الذي وصلت إليه مصر بشيء من المرارة, فأنا مهتمة كثيراً بالحضارة الفرعونية و قرأت عنها ما لا يُعد و لا يُحصى و أعرف مدى عظمة مصر في ذلك الزمان و أشعر بالحسرة حين أجد غير المصريين يُقدرونها بشيء من الإجلال و الإكبار و التعظيم لا يوليه إليها المصريون أنفسهم!!

و لكن ما الذي أوصلنا إلى هذه الحال؟!!
بكل أسف غالبية المصريين في العصر الحالي لا يُقدرون قيمة العلم و لا يعون أهميته في تحقيق التقدم و الرخاء. و أنا أعذر طبقات الشعب المطحونة في ذلك فهم على أية حال قد تكالبت عليهم الظروف المادية و الإجتماعية القاسية مما آل بهم إلى الجهل و الأُمية, و ربما لو توفر لهم المناخ الجيد لكان الحال غير الحال.

كلامي هنا و تعجبي الكبير من القوى السياسية المتناحرة. لماذا السعي وراء المكاسب الوقتية قصيرة المدى؟ لماذا لا تساهم هذه القوى في تقليل حجم الجهل و الأمية الذين أصبحا حملاً ثقيلاً على مصر و يكاد أن يودي بها إلى الهاوية. فالمصريون الآن عُرضة لكل من يستغل فقرهم و جهلهم و حاجتهم فيَتَخَطَّفَهم ليصوتوا له ثم ينساهم و يتركهم لمصيرهم مع المعاناة.

لماذا لا تعمل المعارضة عمل مؤسسي يقوم على توعية الشعب و القضاء على الأمية, و لا أقول دون مقابل, فالمقابل سيكون أكبر و أجدى و أبقى في المستقبل حين يكون المواطن واعياً سيكون قادراً على حُسن الإختيار, و ما الظرف السياسي السيء الذي نقاسي ويلاته اليوم إلا نتيجة تصويت مواطن جاهل غير واعٍ بعواقب الأمور.

هل تساهم المعارضة اليوم في تخفيف حجم الجهل و الأُمية و تحصد المكاسب الكبيرة غداً و تكون بذلك قد أسدت للوطن خدمة جليلة ستعود على الجميع بالنفع أم ستنشغل باللهاث وراء المكاسب الوقتية الهزيلة؟!!
و هنا يكمن السؤال: ما فائدة الوصول للسلطة لحكم شعب 40% من أبنائه لا يعرفون القراءة و لا الكتابة و لا يساهمون بالتالي في تقدم و رقي المجتمع بل بالعكس يشكلون عبئاً ثقيلاً؟!!

كلمة أخيرة.. لن تتقدم مصر خطوة للأمام إلا بالعلم و الحرية فقط و فقط لا غير, فمصر تستحق شعباً راقياً.
 شيماء عطية.

Wednesday, March 6, 2013

Cleopatra was not Egyptian.

Along with King Tut, perhaps no figure is more famously associated with ancient Egypt than Cleopatra VII. But while she was born in Alexandria, Cleopatra was actually part of a long line of Greek Macedonians originally descended from Ptolemy I, one of Alexander the Great’s most trusted lieutenants. The Ptolemaic Dynasty ruled Egypt from 323 to 30 B.C., and most of its leaders remained largely Greek in their culture and sensibilities. In fact, Cleopatra was famous for being one of the first members of the Ptolemaic dynasty to actually speak the Egyptian language.

Wednesday, February 20, 2013

الصراع بين المؤمنين و الملحدين في مصر عقب ثورة الخامس و العشرين من يناير


بقلم: شيماء عطية
21-2-2013


كلنا لاحظنا الزيادة المضطردة في أعداد الملحدين في مصر عقب ثورة الخامس و العشرين من يناير لأسباب عديدة -لا مجال لطرحها هنا و ربما أقوم بتناولها في سياق آخر- و لكن ما يهمني هنا هو تناول هذه الظاهرة من ناحية الحقوق و الحريات.
في حقيقة الأمر أنا أرى أن الملحدين مواطنون مصريون لهم كافة الحقوق و عليهم كافة الواجبات مثلهم مثل أي مواطن مصري آخر مسلم كان أو مسيحي أو يهودي أو ينتمي إلى أي ديانة سماوية كانت أم غير سماوية. و لا ارى أنه يجب أن نتوجه إليهم بسهام التكفير و الترهيب و الأحكام القضائية الجائرة, و ربما ذهب المتطرفون لأبعد من ذلك فيلجأون للقتل أو التلويح به.
المصري الملحد مواطنٌ مصريٌ من الدرجة الأولى فإن لم يفيد أي دين من الأديان فربما نجد ما لديه ليفيد به الوطن, فنسبة كبيرة منهم ممن تلقوا تعليماً عالياً و منهم من ساهم و يُساهم في بناء الوطن لمحاولة جعله في مصاف الدول الديمقراطية المتقدمة, و معظمهم –إن لم يكن جميعهم- يكنون لهذا الوطن حباً و ولاءاً لا نجده عند الكثيرين  و لا أبالغ إذا قلت عند كل من ينتمون للتيارات الإرهابية المتطرفة المُتمسحة كذباً و بهتاناً بالإسلام.
لذلك أقولها عالية مدوية: ارفعوا أيديكم عن الملحدين المصريين و اتركوا لهم حرية الرأي و التعبير عن أنفسهم, و من يجد في فكرهم ما يستحق النقد فليُقدم الأفكار المضادة و لتكن الحُجة في مقابل الحُجة و صاحب الحُجة الأقوى هو من سيصل بفكره للقاعدة الأوسع من الجماهير.
و على الجانب الآخر, فإن كلامي عن الملحدين في مصر لا يعني أنهم أشخاصٌ فوق العادة أو أنهم مُنَزَّهون عن الأخطاء بل بالعكس, فمنهم من لا يقل تطرفاً عن أعتى الإرهابيين ممن ينتمون لتنظيمات الجهاد و التكفير و ربما إذا أُتيحت لهم فرصة حمل السلاح ضد المؤمنين لفعلوا, و لكن كلامي هنا يخص الفئة الأكبر منهم من أصحاب العقول النيرة و المعتدلين في أفكارهم و المتسامحين مع غيرهم من بني وطنهم المؤمنين أو الذين لا ينتمون لفكرهم. كذلك أرجو أن لا يكون الملحدون المصريون سبباً لنفور الناس منهم فكيلهم السباب و الهجوم الجنوني على الأديان يُفقدهم أي تعاطف من جانب المؤمنين و أنا منهم.
و ربما قد يتساءل البعض: لماذا يقوم شخص مؤمن –مثلي بالطبع- بالدفاع عن ملحدين ينكرون وجود الله؟! و الإجابة سهلة للغاية فأنا مؤمنة بحرية الرأي و التعبير لأبعد مدى مهما تجاوز الخطوط الحمراء, و لأنني مؤمنة بأن الفكر لا يُواجَه إلا بالفكر و صاحب الحُجة الأقوى هو الذي سيصل بفكره و حُجته للقاعدة الأكبر من الجماهير, و أخيراً و ذلك الأهم لأنني أظن نفسي على إيمانٍ راسخٍ بالله سبحانه و تعالى القائل: (فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر) و أرى أن فهمي و غيري لصحيح ديننا و مُعتقداتنا لايُمكن أن يُهدَم أو يُزَعزَع بسبب ملحدٍ هنا أو كافرٍ هناك.

في إنتظار أبو زيد - وثائقي عن الدكتور نصر حامد أبو زيد

حسن البنا الذي لا يعرفه أحد| حلمي النمنم| الحلقة (1)



من بين رموز الحركة الإسلامية المعاصرة بقيت مشاعري محايدة تجاه الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين, فلا أنا تعاطفت معه و أحببته مثل الإمام محمد عبده و غيره, و لا أنا انتقدته أو هاجمته كما فعلت مع بعضهم, و في نهاية السبعينيات و مطلع الثمانينيات, حين كنت في مرحلة الطلب بالجامعة, كانت رسائل حسن البنا متوفرة, فقد كانت الجماعة الإسلامية منذ أن أُتيح لأعضائها السيطرة على الإتحادات الطلابية, تنشر بميزانية الإتحاد أعمال البنا و سيد قطب و غيرهما بدلاً من أن توظف هذه الميزانية في الأنشطة و الخدمات الطلابية, و حاولت أن أقرأ رسائل البنا, لكنها لم تستهوني, فلم أجد فيها حرارة أسلوب سيد قطب و صوته, و لا لمحت فيها جهد الباحث و العالم كما هي الحال في بعض أعمال الشيخ محمد الغزالي التي أُتيح لي قراءتها في ذلك الوقت, كنت أشعر أنه متعجل في الكتابة, و تفتقد كلماته إلى الضبط المنهجي و العلمي, و استشهاداته بالآيات القرآنية لا تنم عن فهم عميق للقرآن الكريم, و غالباً تأتي استشهاداته في غير مواضعها؛ لذا تركته و تركت أعماله, و لم أنشغل به.. ثم فرضت علي الظروف أن أقرأ أعماله كلها, منتصف التسعينيات, حين كنت أعد كتابي عن سيد قطب و ثورة يوليو.. و لم يكن هو الهدف, كنت أحاول التعرف على العالم الذي ألقى سيد قطب نفسه فيه, نهاية الأربعينيات, خاصة أن سيد قطب له مقالاً مطولاً عن حسن البنا, حمل العنوان "حسن البنا و عبقرية البناء".

و كنت ألاحظ حب الإخوان الذي يصل حد التقديس لمرشدهم حسن البنا, و من يراجع سجل الإنتاج العلمي و أعمال الإخوان لن يجد أنهم أصدروا كتاباً يمكن الوقوف أمامه عن حياة و سيرة النبي محمد (صلى الله عليه و سلم), و لا كتاباً ذا قيمة عن أبي بكر الصديق, أول الراشدين و الذي لولاه لتبدد الإسلام بعد وفاة النبي, و هكذا الحال بالنسبة إلى شخصيات عظيمة و مؤثرة في تاريخ الإسلام كله, بينما أصدروا العديد من الكتب و الدراسات عن حياة البنا و سيرته, و منحوه صفات مذهلة يصعب أن تجتمع في إنسان, و كانت بعض الآراء فيه و التصورات عنه تحمل قدراً من الشطط..فهناك كتاب صدر للأطفال الصغار عنوانه "حسن البنا.. مُنشيء الدعوة الإسلامية". و لو صح هذا, و هو غير صحيح, فماذا عن النبي محمد و ماذا عن صحابته رضوان الله عليهم؟!, و مع ذلك كنت أفهم ذلك على أنه جزء من ظاهرة عامة لدى الكثيرين في مختلف التيارات الفكرية و السياسية, حيث يركز كل منها على شخص أو رمز, جعلوه قبلتهم, و عادة ما ينتمي ذلك الشخص الرمز إلى مرحلة مضت, الوفديين تسمر وعيهم عند سعد زغلول و سنوات العشرينيات من القرن العشرين, الناصريون أو بعضهم فعلوا الشيء نفسه مع جمال عبدالناصر, و هكذا..

و في كل مؤتمرات جماعة الإخوان المسلمين و ندواتهم و مطبوعاتهم تجد صور حسن البنا و بعض كلمات له و لن تجد  شيئاً من ذلك بالنسبة إلى من تلاه من مرشدي الجماعة, و للوهلة الأولى يبدو ذلك مستفزاً للمراقب من بعيد, لكن في أدبيات الجماعة, فإن شخصية حسن البنا أو الإمام الشهيد تكاد أن تكون مقدسةو و الغريب في الأمر أنه لم يكن كذلك في حياته, فقد اختلف معه بعض الإخوان و انشق عنه بعضهم, و هاجمه عدد منهم, وصل الأمر أن أحمد السكري, الذي كان الرجل الثاني في الجماعة و شريك حسن البنا في تأسيسها و رفيق عمر البنا اتهمه بالكذب و بأشياء أخرى, و طعن بعضهم في ذمته المالية, و اتهمه كل من انشق عن الجماعة بالتسلط و الديكتاتورية, و أنه يتحدث عن الشورى لكنه لا يعملها بالمرة, أما بعد عودة الإخوان إلى النشاط في السبعينيات فقد اجتهدوا في تقديم مرشدهم الأول, في صورة الإنسان المثالي, لن تسمع منهم أنه وقع في هفوة أو ارتكب خطأ و لو صغيراً.. و هو أمر يصعب أن نجده في تناول سيرة أي إنسان مهما كان, فلا يوجد إنسان مضت حياته بلا خطأ ارتكبه, حتى لو كان خطأ صغيراً.. و الحديث النبوي يقول: كل ابن آدم خطاءٍ, حتى في تناولنا لسير الأنبياء يصعب أن نجردهم مما هو إنساني, ففي القرآن الكريم تجد عتاباً من الله سبحانه و تعالى للنبي محمد, خاتم الأنبياء و المرسلين.. مثلاً قوله تعالى عن النبي (عَبَسَ و تَوَلَّى* أن جاءَهُ الأعمى* و ما يُدريك لعله يَزَّكى). و هناك تحذير في القرآن لسيدنا موسى من أن يصبح جباراً, و هكذا, لكن حسن البنا عند تابعيه غير ذلك. إنه الإنسان الكامل و أكاد أقول الأكمل, و مع ذلك لم يشغلني هذا كثيراً, هم و شأنهم.. ذلك لمرشدهم و هم أتباعه..

Thursday, February 14, 2013

مليونية إخراج مبارك

الكاتب: رجب جلال
يتوقف العقل القاصر لجماعة الإخوان الـ........ (ضع ما شئت من الصفات البغيضة دون أن تشوه الإسلام بها) عند صندوق الانتخابات، للتدليل على شرعية مندوبها فى قصر الرئاسة الدكتور محمد مرسى، رغم قلة عدد من شاركوا فى تلك الانتخابات، ورغم الفارق شديد الضآلة بينه وبين منافسه، ورغم الصفقة القذرة التى أعلن بها فوزه، وكانت النتيجة الحقيقية عكس ذلك، يتوقف فكر هذه الجماعة عند الصندوق لارتداء ثوب الشرعية، رغم كل هذه الكراهية التى ينضح بها الشارع فى مواجهتهم، وفى مواجهة رئيسهم الذى لم ينجح فى شىء، ففى عهده السعيد أصبح الغذاء مطلباً صعباً فى ظل نقص معروض، وارتفاع أسعار طال كل شىء، فى إخراج لسان واضح لقراره الشفهى بتجميد فرمانه بزيادة الضرائب على الدخل، والمبيعات، والعقارات، والدمغة، وحتى على الباعة الجائلين الذين وضعوا قراره تحت أحذيتهم وأخذوا يفرشون بضائعهم فى الأماكن التى يريدونها.
فى عهده الرشيد خرجت أنواع كثيرة من الحشرات الزاحفة والطائرة من جحورها تقتل وتذبح وتسطو وتسرق بالإكراه وبوضع السلاح على رقاب الأطفال والسيدات، وتنشر الرعب والخوف فى نفوس الجميع دون مغيث، لأن جلالته يتمترس خلف كل قوات الأمن ويذيقها العذاب لحماية عرشه المهتز.
جاهلة تلك الجماعة بالقرآن الذى تتبجح فى كذبها وهى تزعم أنها تطبق تعاليمه، جاهلة بأوليات آياته «أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»، التى تبرز اثنتين من أهم وأولى الاحتياجات الإنسانية.. الطعام والأمن.. أن تجد ما تسد به رمقك ورمق أسرتك، وأطفالك، وأن تنام أو تتحرك غير خائف عليهم من كلاب الشوارع التى أصبحت أكثر عدداً من الخبراء الاستراتيجيين، والنشطاء السياسيين، وأصبحوا يرتكبون جرائم يذهل لها الرضع.
يتوقف عقل الجماعة لحل أزمات مصر بعد نكسة يناير، عند حوار تافه تسميه «حواراً وطنياً» تتساقط فيه أمطار التنظير والسفسطة، وكلمات جوفاء وآهات مزيفة تدعى الحزن والألم على بلد يتفتت، ووطن ينهار.
لكن، فلتحذر هذه الجماعة الكاذبة أن ملايين الفلاحين فى الحقول الذين يبحثون عن السماد والسولار، والعجائز أمام مكاتب البريد اللائى ينتظرن الصدقات، والآباء العاجزين أمام زوجاتهم وأبنائهم عن إطعامهم أو حمايتهم.. كل هؤلاء لا تعنيهم جلساتكم الفارغة، لا تشغلهم عشرات الميكروفونات التى تصطف أمامكم تنقل زَبَداً وغثاء سيل، لا يهتمون بشلال المبادرات التى تطايرت كالذباب، لا يعرفون حتى اسم النائب العام الذى تتشاجر النخبة فى برامج المساء على شرعيته السفاح.
لا يدمى قلوب كل هؤلاء سوى أمعائهم الخاوية جوعاً، وعيونهم الزائغة وصدورهم المكروبة خوفاً.. هؤلاء كرهوا تلك التى يسمونها ثورة.. باتوا يلعنون سراً وجهراً كل تفاصيلها وتبعاتها، ووصل بهم الحال إلى حد الرغبة فى إخراج الرئيس السابق من سجنه والاعتذار له وإعادته إلى قصره، لتعود مصر إلى ما كانت عليه قبل كارثة يناير.

Tuesday, February 12, 2013

نماذج من العمليات الإرهابية التي وقعت من الإخوان في عهد حسن البنا



1ـ مقتل المستشار القاضي الخازندار ومصدر الكلام في ذلك محمود الصباغ أحد قادة التنظيم السري للإخوان ود. محمود عساف السكرتير الخاص لحسن البنا ومسئول المعلومات ومستشار التنظيم السري .
ـ مقتل رئيس الوزراء السابق محمود النقراشي ومصدر الكلام هو المصدر السابق .2
ـ محاولة قتل إبراهيم عبد الهادي باشا المصدر محمود الصباغ .3
4ـ تفجير قنابل في جميع أقسام البوليس في القاهرة يوم 2/12/1946 م يقول محمود الصباغ مفتخراً بهذه الأعمال أنها تمت بعد العاشرة مساء وقد روعي أن تكون هذه القنابل صوتية بقصد التظاهر المسلح فقط دون أن يترتب على انفجارها خسائر في الأرواح وقد بلغت دقة العملية أنها تمت بعد العاشرة مساء في جميع أقسام البوليس ومنها أقسام بوليس الموسكي والجمالية والأزبكية ومصر القديمة والسلخانة .
5ـ عمد النظام الخاص للإخوان إلى إرهاب الحزبين الذين منحا صدقي باشا الأغلبية البرلمانية للسير قدماً في تضييع حقوق مصر دون أن تقع خسائر في الأرواح وذلك بإلقاء قنابل حارقة على سيارات كل من هيكل باشا رئيس حزب الأحرار والنقراشي باشا رئيس حزب السعديين في وقت واحد .
ويستمر محمود الصباغ في جهالته قائلاً : ولقد زادت هذه العملية من رعب الحكومة وأعوانها خاصة أن كل فئات الشعب كانت ثائرة ضد ما اعتزمت الحكومة أن تقدم عليه فأضرب المحامون واشتدت المظاهرات حتى اضطر صدقي باشا إلى تقديم استقالته. أ .هـ
قلت : وما أشبه اليوم بالبارحة فمن يوم لآخر إضراب في نقابة المحامين ونقابة الأطباء حتى وصل الاعتصام والشجب والمنازعة العلنية إلى نادي القضاة أما عن المظاهرات فحدث ولا حرج والإشاعات والأراجيف والسعي للإثارة والتهييج صار هو سمة هذه الفرقة المبتدعة ومن ساندهم من الجهّال أصحاب الاتجاهات الأخرى الذين لم يدركوا أنهم يسعون سعياً حثيثاً للفتنة والفتنة الكبرى .
6ـ حوادث تفجير محلات شيكوريل والشركة الشرقية للإعلانات وشركة أراضي الدلتا بالمعادي وكلها ملك اليهود بمصر في هذا الوقت وكذلك نسف بعض المساكن في حارة اليهود بالقاهرة .
7ـ حادث تفجير النادي المصري الإنجليزي وتفجير فندق الملك جورج وإحراق مخازن البترول في سفح جبل عتاقة ...إلخ والمصدر هو محمود الصباغ .
قلت : هناك خلط في الأوراق يحتاج إلى تنبيه خاصة أن العمليات الإرهابية للإخوان أيام حسن البنا كان معها بعض العمليات ضد الإنجليز وضد يهود كانوا يعيشون في مصر ، إنني هنا لا أريد أن أناقش مشروعية العمليات ضد الإنجليز أو اليهود فهي مسألة شائكة لكن الذي أناقشه أن مبدأ الاعتداء على الغير سواء كان مسلماً أو غير مسلم أمر مرفوض طالما أن هناك حكومة أعطت لهؤلاء حق الأمان كما أنه ليس من حق فرد أو جماعة تفسير موقف لمسلم أنه كفر يُلزم بقتله أو اغتياله ، فمثلاً تفجير محلات شيكوريل اليهودية وغيرها مما تم في حارة اليهود كما ذكر الصباغ مبدأ مرفوض طالما أن وجود اليهود وجوداً صحيحاً من قبل حكومة مصر فإذا ثبت حدوث ضرر منهم يبحث فيه الأمر مع الحكومات لتدبر هي الوسائل وتتلافى الأضرار أما أن يترك الأمر لكل صاحب هوى أو صاحب حماسة فهذا هو عين الضلال فمثلاً لليهود سفارة في مصر وكذلك للأمريكان وللإنجليز وللدنيمارك هذه السفارات أقيمت باتفاق وموافقة بين الحكومة المصرية الحالية وهذه الدول فهل يجوز لنا الاعتداء على هذه السفارات خاصة وأن اليهود يقتلون إخواننا في فلسطين وكذلك الأمريكان والإنجليز يفعلون بالعراق وأفغانستان ثم مؤخراً إساءة بعض الدينماركيين للرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وفق معطيات فكر الإخوان المتمثل في قيادي بارز تحت إمرة حسن البنا نفسه وهو محمود الصباغ يجوّز تفجير هذه السفارات وما يتبعها من شركات أو مؤسسات على أرض مصر ، بل يلزم من فكر الإخوان أن حكومتنا تحارب الإسلام للسماح لهذه الدول المعادية بفتح سفارات وشركات في أرضنا ، وطبعاً كل هذه الإفرازات جاءت من الجهل بأصل من أصول العقيدة وهو لزوم ولي الأمر في المعروف وعدم الخروج عليه ومن جهة أخرى أن الرسل والتجار بين الشعوب قديماً وحديثاً وأثناء الحروب بينهم لهم حماية ولا يجوز التعدي عليهم طالما أنهم وفدوا إلينا باتفاق مسبق مع حكامنا .
إذن اتضح الخلل الكبير الناشئ عن مفاهيم خاطئة ومغلوطة وفي نفس الوقت اختلاط بعض الحق بكثير من الباطل فاستشرى هذا الباطل ويخشى من نتائجه الوخيمة فاعتبروا يا أولي الأبصار 
للشيخ محمود عامر
المصدر: د. محمود عساف في كتابه ( مع الإمام الشهيد حسن البنا )
 

Monday, February 11, 2013

السابق أم المخلوع؟

 بقلم  نيوتن   


لم يعُد الكثيرون يرددون أياً من هاتين الصفتين: (مخلوع) أم (سابق)؟ الأغلبية تقول: مبارك. قليلون يحرصون على أن يصفوه بأنه (مخلوع). الإخوان أغلبية هؤلاء. بعض المنتمين إلى التيار الثورى. الحيرة بين الصفتين كانت تشير إلى مواقف أيديولوجية وعاطفية. فى الأغلب غير موضوعية. التقييم الموضوعى يقول إنه كان هناك رئيس سابق. أنهى عصره باختياره. كان يمكن أن ينتظر لفترة أطول حتى يتم «خلعه». كان يمكن ألا ينخلع. أن يبقى رغماً عن شعبه.
هل يكون علىّ عبدالله صالح رئيس اليمن «سابقاً»، ويكون محمد حسنى مبارك «مخلوعاً»؟ حتى اللحظة يوصف بشار الأسد بأنه «الرئيس السورى». كاد يحقق رقم المائة ألف قتيل، إن لم يكن قد حققه. ينافس هتلر فى رقمه التاريخى بين ضحايا شعبه وضحايا البشرية. هو مستعد لأن يواصل القتل يومياً. أقرأ فى نهاية كل يوم أرقام الضحايا فى سوريا، مرة ٧٥ شهيداً، مرة ٨٣، مرة فوق المائة. لا أحد يهتم بالإحصاءات اليومية. ضحايا سوريا يحسبون برقم سنوى. على صالح ترك حكمه بعد أن تورط فى نزاع سقط فيه عشرات المئات، إن لم يكن الألوف. خرج بموجب تسوية. ينتظر مثلها بشار الأسد. قد لا يترك حكمه بموجب تلك التسوية.
حسنى مبارك، بلا مجاملة، اختار ما يعتقد أنه الصواب. ربما خضع - كما تقول الروايات المختلفة - لآراء أركان حكمه. قالوا له: اترك موقعك. فكَّر. قَبِل. قرأت هذا لدى مذكرات وزير الخارجية أحمد أبوالغيط. سأعود إليها فى وقت مناسب. سمعته فى حوارات للفريق أحمد شفيق. يحسب لمبارك أنه لم يورّط بلده فى مزيد من الصراع. أقاويل كثيرة تتردد الآن حول المسؤول عن سقوط الشهداء فى المطالبة برحيله. سمعت وشاهدت برامج كثيرة تلقى بالمسؤولية على حلفاء الإخوان من حركة حماس. ما تأكدنا منه كلنا أن مبارك لم يستأسد على مواطنيه. لم يأمر بقتلهم. قَبِل بمطالبة الشعب. ابتعد.
أطلق عليه الإخوان وصف «المخلوع». ردده خلفهم الثوريون. أطلق عليه أنصاره وصف «السابق». سيختار له التاريخ وصفاً مناسباً. لم ينقضِ أكثر من عشر سنوات قرر بعدها الكافة أن يعيدوا النظر فى تقييمهم للسادات. قال فريق يوم اغتياله: يستحق القتل. قال فريق: لا يستحق. بعد سنوات قليلة أقر من قاطعوا مصر بأنه زعيم استشرف المستقبل. اعتبروا أنه تقدم على عصره. أقدم على المغامرة. خياله قاده إلى تحول كبير. أعتى أعدائه وخصومه فاوضوا إسرائيل من بعده. بشار الأسد كان يريد أن يسبق الفلسطينيين بأن يحصل على الجولان. قد يتم تقييم مبارك بصورة أسرع.
مضى الآن عامان على هذا الحدث. غادر مبارك السلطة. يتساءل الناس: هل كان علينا أن نتركه يكمل فترته الأخيرة. يعانون من حكم رئيس انتخبوه. يتساءلون: أين الاستقرار، أين الأمن، أين ما وعد به الإخوان، أين ما قال الدكتور محمد مرسى إنه سيحققه؟ الشعب لن يأكل بصفات مبارك: مخلوع أم سابق. الشعب سوف يأكل إذا تحرك الاقتصاد. أكل الشعب فى العامين الماضيين من رصيد ما ترك فى خزائن الدولة. لن يتنازع بقية الناس قريباً إذا كان سابقاً أم مخلوعاً!!
١٢/٢/٢٠١٣

Thursday, February 7, 2013

Beautiful earth through ages!

Approximately 800 million years ago the earth went through several periods of ice ages leaving the earth looking a like a giant snow ball in space. The earth was frozen from North to South Pole and planet’s average temperature was minus 74 degrees Fahrenheit.

Tuesday, February 5, 2013

متى سيفهم العرب أن العلمانية ليست الإلحاد؟



كلمة العلمانية تشكل ما يشبه البعبع المفزع بالنسبة ليس فقط للجمهور العام وإنما أيضا لقسم لا يستهان به من المثقفين العرب. والسبب هو أنها متطابقة في الوعي الجماعي مع الإلحاد. فعندما نقول نريد دولة علمانية فكأننا نقول نريد دولة إلحادية! وهذا شيء مناقض للحقيقة تماما. فالدولة الإلحادية هي تلك التي أسستها الشيوعية وفرضتها على جمهوريات الاتحاد السوفياتي طيلة سبعين سنة. فكان الرفيق ستالين مثلا يمنع الناس بالقوة من الذهاب إلى الكنيسة الأرثوذكسية لأداء الصلاة أو حضور القداس. ولذلك ما إن انهارت الشيوعية عام 1990 حتى عادت الديانة المسيحية إلى روسيا بقوة وحماسة. وهذا ما يدعى بانتقام التاريخ لنفسه. فالناس كانوا قد أصبحوا متعطشين للدين بعد أن حرموا منه طيلة سبعين سنة. وحتى الروايات العظيمة لدوستيوفسكي كانت ممنوعة أو محاربة إبان الفترة الشيوعية لأنها «رجعية» تنضح بالروح المسيحية. ولكن التاريخ انتقم لنفسه كما قلنا وأصبح بطريرك موسكو شخصية هامة يحسب لها الحساب، يتمسح به بوتين ويتقرب منه.. بل ويخشى الآن من أن يزيد رد الفعل الديني عن حده وينقلب إلى ضده: أي أن نعود إلى محاكم التفتيش اللاهوتية بعد أن كنا في محاكم التفتيش الشيوعية!.. بالمناسبة بالنسبة لإيران وبعض الدول الأصولية الأخرى فإنه يحصل العكس تماما. فالشيء الممنوع ليس التدين وإنما إجبار الناس بالقوة على التدين وأداء الطقوس (ستالين معكوسا). ولذلك يقال بأن الشبيبة الإيرانية أصبحت تنفر من الدين بعد وصول النظام الأصو لي إلى سدة السلطة في حين أنها كانت متدينة جدا في عهد الشاه. وهذا شيء مفهوم تماما من الناحية السيكولوجية لأن كل ممنوع مرغوب.

إذا كنت تريد أن يكره الشعب شيئا ما فأجبره عليه إجبارا. بل إذا كنت تريد أن يكره طفلك شيئا ما فأجبره عليه. هذا أسوأ مبدأ من مبادئ التربية. من هنا فشل كل الأنظمة التوتاليتارية ذات الحزب الواحد. ومن هنا أيضا ملل شعوبنا من الأنظمة المركبة على الطريقة الستالينية وعبادة الزعيم والصور والتماثيل! لماذا التماثيل؟ ألا تكفي الصور؟ وهذا ما يفسر سبب نجاح الربيع العربي وانتشاره في الناس كانتشار النار في الهشيم. فالناس تريد أن تتنفس خارج إطار الحزب الواحد والفكرة الواحدة والجريدة الرسمية التي تكرر نفس الكلام كالببغاوات.. إذا كنت تريد أن تقتل روح الإبداع في شعب ما فأسس اتحادا رسميا للكتاب واتحادا للشبيبة والطلبة الخ.. الأدب العظيم لا ينتعش إلا خارج كل هذه الاتحادات. هل يمكن أن تتخيل نزار قباني عضوا في اتحاد الكتاب العرب أو السوريين؟ إنه يستعصي على كل السجون!.. ميزة الغرب الأوروبي على كل النطاقات الحضارية الأخرى هي أنه يسمح بالتدين وعدم التدين في آن معا. بمعنى آخر فإنه يسمح بالحرية الدينية.. وهذا هو معنى العلمانية بالضبط. هذا هو جوهرها.

في فرنسا مثلا يمكن لأي شخص أن يمارس طقوس دينه سواء أكان مسيحيا أو مسلما أو يهوديا أو بوذيا ولكن يمكنه أيضا ألا يمارسها على الإطلاق! ويظل مع ذلك مواطنا يتمتع بكافة الحقوق. الحرية لا تكون في اتجاه واحد فقط، وإلا فليست حرية. كل متدين مواطن بالضرورة ولكن ليس كل مواطن متدينا بالضرورة. لا يحق مثلا لجاره المتدين أن يعيّره بذلك أو أن ينظر إليه شذرا وكأنه كافر أو فاسق لأنه يختلف عنه.. ماذا نفعل بطبيب ناجح يداوي الناس بالمجان أحيانا ولكنه غير متدين أو لا ينتمي إلى طائفتنا أو مذهبنا؟ هل نكفره ونعدمه ونخسر كفاءاته؟ وقس على ذلك المهندس والخبير الاقتصادي والعالم الفيزيائي والفيلسوف والصحافي الخ.. يضاف إلى ذلك أن الدولة تقف على الحياد من كل الأديان والمذاهب الموجودة في المجتمع. قلت تقف على الحياد ولم أقل تعادي الأديان. وهذا فرق كبير. هنا يكمن الفرق الأساسي ليس فقط بين الدولة العلمانية والدولة الإلحادية وإنما أيضا بين الدولة العلمانية والدولة الأصولية الطائفية والتمييزية.

ما معنى ذلك؟ معناه أن الدولة تعامل جميع السكان على قدم المساواة أيا يكن دينهم أو مذهبهم. إنها لا تنظر إليهم من خلال أديانهم ومذاهبهم وأماكن ولادتهم. قد يبدو هذا الكلام سهلا أو تحصيل حاصل. في الواقع إنه يشكل طفرة هائلة في تاريخ السياسة والفكر البشري. فالدولة الأصولية التي كانت سائدة في فرنسا قبل الثورة الفرنسية كانت تعامل الناس من خلال انتماءاتهم الدينية أو الطائفية: أي من خلال شيء لا حيلة لهم به لأنه لا أحد يختار مكان ولادته! كانت الدولة الفرنسية إبان العهد القديم تعطي الأولوية لأبناء المذهب الغالب. فإذا ما شاء لك الحظ أن تولد في عائلة مسيحية كاثوليكية فأنت شخص شرعي لا غبار عليك. بالطبع سيكون أفضل لو أنك ولدت أيضا في عائلة من النبلاء الإقطاعيين! ولكن هذه قصة أخرى.. أما إذا ما ولدت في عائلة مسيحية بروتستانتية فالويل كل الويل لك! إنك ليس فقط كافرا زنديقا وإنما شبه مجرم! وبالتالي فأنت منبوذ ومحروم من كل الحقوق الإنسانية تقريبا. بالكاد يتحملون وجودك على وجه الأرض. يكفي أننا نسكت عليك وعلى رجسك وعقيدتك المنحرفة الضالة لعنك الله!. وبالتالي فالدولة لا يمكن أن تفتح لك أبواب التوظيف والعمل على مصراعيها كما تفعل مع جارك الكاثوليكي المؤمن المحترم، أو المسيحي الصحيح العقيدة، القويم المستقيم.

على هذا المستوى من العمق ينبغي طرح الأمور لكي تُفهم على حقيقتها. ولكن هذا التطور أو هذه القفزة النوعية لم تحصل بين عشية وضحاها. وإنما لزم مائتا سنة لكي يهضمها العالم المتقدم ولكي تقتنع الجماهير العريضة من المسيحيين بها. ولكنهم عندئذ كانوا قد أصبحوا مسيحيين علمانيين أو ليبراليين وما عادوا مسيحيين أصوليين طائفيين. وهذا التطور المذهل لم يحصل إلا بعد انتشار الأفكار العلمية والفلسفية والدينية المتنورة في أوساط واسعة من الشعب عن طريق المدرسة والصحافة والتعليم، الخ. هذا لم يحصل إلا بعد انحسار الأفكار الأصولية القديمة الراسخة في العقول منذ مئات السنين. وهنا بالضبط أصل إلى الوضع العربي الراهن. لماذا تبدو الدولة العلمانية أو المدنية شيئا مستحيلا في المدى المنظور؟ لأن المعركة بين الأفكار الحديثة والأفكار الأصولية لم تحسم بعد، أو قل إنها محسومة بشكل كلي تقريبا لصالح الأفكار الأصولية المتغلغلة في أوساط الشعب والجماهير الغفيرة. أكبر دليل على ذلك اكتساح إخواننا الأصوليين لكل الانتخابات الحرة وبالأخص في الدولة الأكبر: مصر. نعم إن الفكر الأصولي يحظى بمشروعية تاريخية ضخمة لم يتجرأ أحد حتى الآن على مساءلتها، هذا ناهيك عن تفكيكها وتبيان تاريخيتها ونسبيتها. من يفكك مقدسات الشعب؟ هل أنت مجنون؟ عندما اطلعت على قصة الصراع بين الحزب الكاثوليكي والحزب العلماني الليبرالي في فرنسا منذ أيام فيكتور هيغو والقرن التاسع عشر بل وحتى منذ أيام فولتير والقرن الثامن عشر هالني الأمر. لم تتحقق العلمانية في فرنسا إلا بعد حسم هذه المعركة الفكرية الضارية. ولذلك أقول بأن المعركة لن تحسم سياسيا قبل أن تحسم فكريا. وهي المعركة العظيمة (أم المعارك!) التي كرس لها إميل بولا، أحد كبار الاختصاصيين في الموضوع، كتابا كاملا بعنوان شديد الدلالة والمغزى: «الحرية، العلمانية. حرب شطري فرنسا ومبدأ الحداثة».

هاشم صالح

Monday, February 4, 2013

A free school under a bridge in India

Founder of a free school for slum children Rajesh Kumar Sharma, second from right, and Laxmi Chandra, right, write on black boards, painted on a building wall, at a free school run under a metro bridge in New Delhi, India. At least 30 children living in the nearby slums have been receiving free education from this school for the last three years.

مسألة العلاقة بين المسلمين و غير المسلمين



و من الدلالات التي أسقطها التطور التاريخي و يجب على الفكر الديني مناقشتها بوصفها شواهد تاريخية, مسألة العلاقة بين المسلمين و غير المسلمين.
 و في الخطاب الديني المعاصر نجد المتشددين يتمسكون بحرفية "أخذ الجزية" و "الخضوع" بينما يحاول المعتدلون تأكيد مبدأ "المساواة" و الإلحاح على المشاركة في الوطن أو التساوي من حيث "المواطنة". و من المؤكد أن الإستناد إلى دلالة النص الحرفية يقوي موقف المتشددين في مواجهة المعتدلين الذين لا يقدمون حلاً أو تأويلاً لتلك النصوص.
لقد أدرك المسلمون أن ما ورد في النصوص عن ضرورة قتل المشركين الذين لا ينطبق عليهم مصطلح "أهل الكتاب" وَرَدَ على سبيل التهديد و الوعيد, لذلك لم تحدث عمليات قتل جماعية لأولئك الذين لم يدخلوا الإسلام و لم يكونوا من أهل الكتاب. و لقد اجتهد فقهاء المسلمين و اعتبروا أهل فارس من المجوس عبدة النار, و كذلك المانوية و الزرادشتية, بل و الهندوس, مثل أهل الكتاب على سبيل القياس, و قبلوا منهم الجزية. و كان الدافع وراء الإجتهاد مصلحة الأمة التي كانت ستصاب بالضرر دون شك لو تم ارتكاب مذابح جماعية للقُوَى المنتجة في المجتمعات المفتوحة.
كانت المصلحة بحسب الواقع الإجتماعي-التاريخي و بحسب رؤية الفقيه لهذا الواقع هي أخذ الجزية. و الآن و قد استقر مبدأ المساواة في الحقوق و الواجبات بصرف النظر عن الدين و اللون و الجنس لا يصح التمسك بالدلالات التاريخية لمسألة الجزية.
______________________
المرجع: نقد الخطاب الديني, نصر حامد أبوزيد, المركز الثقافي العربي.

Sunday, February 3, 2013

موقف الإخوان المجرمين من العدوان الثلاثي على مصر!!



التاريخ لا يكذب.. «الإخوان» تُعاقب أعضاءها الذين شاركوا في صد العدوان الثلاثي علي مصر!
_________________________

في كتاب «حدتو.. ذاكرة وطن» يقول د. أحمد القصير: حصل رفاق حدتو الذين كانوا بسجن الواحات علي بيان أصدرته مجموعة منشقة عن الإخوان المسلمين وأرسلوه إلي زملائهم خارج السجن، وطلبوا نشره علي أوسع نطاق ممكن من أجل أن يعرف الناس تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في مجال الاغتيالات والإرهاب السياسي وموقفهم المتخاذل تجاه القضية الوطنية والعدوان الثلاثي ضد مصر عام 1956.

وقد انتقد بيان الجماعة المنشقة قيام الإخوان بفصل الأعضاء الذين طلبوا التطوع للمشاركة في مواجهة العدوان الثلاثي، وتلك شهادة إدانة واضحة صادرة من داخل جماعة الإخوان المسلمين وليس من خصومها.

تعريف بالوثيقة

بيان الجماعة المنشقة عن الإخوان المسلمين بسجن الواحات تاريخه 17 ديسمبر عام 1957 صاغته لجنة مكونة من: شوقي كحلة، محمد نصار، علي رياض، سعيد بلبع وعبدالخالق السباعي، وترأس الجلسة الصاغ حسين حمودة.

صدر هذا البيان بعد فشل لجنة لم الشمل الثلاثية في مهمتها، وهي لجنة شكلها مكتب الإرشاد بتكليف من الهضيبي المرشد العام لمواجهة المنشقين، وكانت هذه اللجنة تضم الشيخ الشناوي ومصطفي فهمي ورشاد المنيسي.

نص من الوثيقة..

تضمن الباب الأول من الوثيقة مقدمة تاريخية موجزة عن تاريخ الخلاف ومن أبرز ما جاء فيها:

كان تأميم الحكومة للقنال بداية مرحلة جديدة من الخلاف إذ تطرف البعض في عدائه للحكومة مناقضا آراءه واتجاهاته السابقة، ووصل بهم الأمر إلي حد اتخاذ قرارات بالإيقاف والفصل والحرمان والاضطهاد والمقاطعة لمن أعلنوا تأييدهم أو تطوعهم لمؤازرة البلاد في معركتها أمام العدوان الثلاثي الآثم، وزاد التوتر ونشأت هوة عميقة بين من يدعون إلي الإصلاح وحرية الرأي والسياسة الوطنية وبين غيرهم.

وزاد عمق الهوة، وزاد التوتر، بعد أن بدأ العدوان الثلاثي، وتطوعنا «علي خلاف موقف الجماعة» لتأييد بلادنا في معركتها المقدسة ضد الطغيان الغاشم، وكان موقفا مشرفا نعتز به أمام الله والتاريخ.

نكتفي بذلك والتاريخ لا يكذب.
 

كيف تحول مسار الثورة الإيرانية؟




كيف تحول مسار الثورة الإيرانية
_______________________


واجه الخميني بعد سقوط الشاه عقبتين أساسيتين أمام سيطرته الكاملة على السلطة و على مسار الثورة. كانت العقبة الأولى هي التنظيمات الجماهيرية الديمقراطية التي تكونت خلال الثورة (مجالس الشورى العمالية و مجالس الأحياء و التنظيمات الشبابية و النسائية إلخ) و قد إرتبطت هذه الموجة الجماهيرية بتنظيمات اليسار.
أما العقبة الثانية فتمثلت في الجناح الليبرالي البرجوازي للثورة بقيادة مهدي بازرجان و الذي تولى رئاسة الوزراء في الحكومة الإنتقالية.

و قد بدأ الخميني بإحتواء الليبراليين و قبوله بتشكيل بازرجان للحكومة. و لكنة في ذات الوقت كون سلطة موازية من خلال لجنة ثورية و لجنة مركزية من رجال الدين و المقربين من الخميني للإشراف على الحكومة الإنتقالية. و قد سيطرت هذه اللجان على قوات البازدران (حرس الثورة) و التي كانت موالية لرجال الدين التابعين للخميني. 
تحالف الخميني في البداية مع بازرجان و ذلك لتهميش اليسار في الجامعات و للقضاء على مجالس الشورى العمالية و غيرها من التشكيلات الديمقراطية الجماهيرية التي إنتشرت خلال الثورة و إستبدالها بجمعيات دينية يتحكم فيها ملالي الخميني. و قد تحرك الخميني و أتباعه بشكل سريع للقضاء على منظمات اليسار بمنع و قمع مظاهراتهم و تدمير مقراتهم.
و قد تزامن ذلك مع الهجوم على حقوق المرأة و فرض الحجاب و إطلاق عصابات الباسيج لترهيب الجماهير مع عدوان الحرس الثوري على الحركة الوطنية الكردية.

كان بازرجان يريد دستوراً على شاكلة الدستور الفرنسي, أي دستور يقنن لجمهورية برلمانية ديمقراطية و إن أخذت شكلا إسلاميا. أما الخميني فأراد بالطبع دستوراً إسلامياً خالصاً يفتح المجال لولاية الفقيه و الحكم المباشر لرجال الدين. و قد تمكن الخميني من فرض رؤيته و طرح مشروع الجمهورية الإسلامية (دون إشارة للديمقراطية) لإستفتاء شعبي حصل على 99% من الأصوات.

و على الفور طرح الخميني إنتخاب "مجلس الخبراء" من 73 عضواً لصياغة الدستور الجديد و قد تمكن من التحكم الكامل في تسمية المرشحين لهذا المجلس من خلال تدخل "اللجنة المركزية" و كانت النتيجة إنتخاب مجلس غالبية أعضائه من رجال الدين التابعين مباشرة للخميني و قد صيغ الدستور بشكل يميل بقوة لولاية الفقيه!!
أكد الدستور على حقوق الإنسان –و لكن دون التعارض مع الحق الإلهي- و على الديمقراطية –طالما لم تتعارض مع حكم رجال الدين-.!!
و قد تضمن الدستور في مقدمته على كون الخميني الفقيه الأعلى و القائد الأعلى للثورة و مرشدها و مؤسس الجمهورية الإسلامية و ملهم المستضعفين و إمام الأمة الإسلامية.
و قد أعطى الدستور القائد الأعلى صلاحيات إستثنائية واسعة النطاق, فهو الذي يحدد مصلحة الإسلام و الخطوط العريضة لسياسات الجمهورية الإسلامية و يشرف على تنفيذها و يتوسط بين السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية و له الحق في تعبئة القوات المسلحة و إعلان الحرب أو السلام و تعيين قائد الجيش, إلخ.


و بعد القضاء على المعارضة الليبرالية و اليسارية و بعد القمع الوحشي لكافة التنظيمات الجماهيرية على يد قواتالباسيج, إستقر الحكم للخميني و رجال الدين .
 

Saturday, February 2, 2013

أنا مش كافر


عشرون عام على إنتفاضة الأمن المركزي




25 و26 فبراير 1986..
تأتي خلال الشهر القادم ذكرى مرور عشرون عام على انتفاضة جنود الأمن المركزي.. وإذا كانت الانتفاضة الخاطفة في فبراير 1986 قد انتهت سريعاً فإن كل العوامل التي دفعت إليها لازالت قائمة، بل وتزداد حدة.. إلى من سينحاز جنود الأمن المركزي في الانتفاضة المقبلة؟ إبراهيم الصحاري يحاول الإجابة على هذا السؤال، وهو يحكي عن الانتفاضة السابقة..


انفجرت انتفاضة جنود الأمن المركزي في منطقة الأهرامات مساء يوم الثلاثاء 25 فبراير 1986 وتطورت على نحو واسع فوجئ بها الجميع: النظام، والبرجوازيون، وأحزاب المعارضة، ..إلخ. وقد انطلقت الانتفاضة من معسكرين من معسكرات الأمن المركزي يقع أولهما على الطريق بين القاهرة والفيوم، ويقع الثاني على الطريق بين القاهرة الإسكندرية. ففي السادسة من مساء ذلك اليوم بدأ ثمانية آلاف جندياً مظاهرات احتجاجية بعد أن ترددت بينهم أنباء تفيد بأنه تقرر مد فترة التجنيد الإجباري لأفراد الآمن المركزي من ثلاثة سنوات إلى أربع سنوات، وأن تخفيضا صغير سوف يلحق بمرتبات الجنود لسداد ديون مصر!! وتطورت الأحداث بعد ذلك فيما يشبه انتفاضة شاملة امتدت إلى ستة معسكرات مختلفة من الجمهورية (القاهرة، والجيزة، والقليوبية، وسوهاج، وأسيوط، والإسماعيلية).

كان طبيعياً أن يثير خبر مد فترة التجنيد ثائرة جنود الآمن المركزي، الذين تراوح عددهم الإجمالي في تلك السنة بين 300 و400 آلف جندي، معظمهم من أبناء معدمي الريف وفقراء الفلاحين الذين تفضل القوات المسلحة إحالتهم إلى قوات وزارة الداخلية لقضاء تجنيدهم الإجباري بها. وطبقاً لتصنيف القوات المسلحة لهؤلاء المجندين فهم من اللائقين صحيا من المستوى (1) وثقافيا من المستوى (صفر) أي الأميين المحملين بأمراض مختلفة. وتنظر لهم وزارة الداخلية على أنهم يد عاملة رخيصة، حتى أن تقريراً رسمياً للوزارة وصفهم بأنهم "عمالة معدومة الأجر"، حيث تتراوح مرتباتهم بين 4 و6 جنيهات. وقد دفع ذلك وزارة الداخلية إلى التوسع في أعداد الملتحقين بقوات الأمن المركزي، خاصة مع تزايد حدة الصراع الطبقي في السبعينات.

قصة تطور الأمن المركزي:
__________________
ارتبطت نشأة الأمن المركزي وتطوره ارتباطاً وثيقاً بتطور الصراع الطبقي في مصر. وتعود فكرة استخدام الأفراد المجندين للقوات المسلحة بوزارة الداخلية في أعمال الأمن إلى ثورة 1919 وعجز قوات الشرطة المحدودة وقتها في مواجهتها، مما دعى الاستعمار الإنجليزي بالاستعانة بمجندين من القوات المسلحة لاستخدامهم في قمع المظاهرات. وعادت الفكرة للظهور مرة أخرى في ظل الأزمة المحتدمة للنظام الناصري في أعقاب هزيمة يونيو 1967.

فعندما اندلعت مظاهرات عمال حلوان في فبراير 1968 احتجاجاً على الأحكام الصادرة ضد قادة سلاح الطيران المتهمين بالإهمال والمسئولية عن الهزيمة ـ تلك المظاهرات كانت بمثابة شرارة أشعلت فتيل تحركات عمالية وطلابية عارمة ـ وعجزت قوات الأمن وتشكيلاتها عن مواجهتها، استنتجت الأجهزة الأمنية للنظام أن ساحة المجتمع المصري ستشهد مزيدا من الاضطرابات الجماهيرية. إثر ذلك صدر القرار الوزاري رقم 1010 لسنة 1969 الذي أنشأ جهاز الأمن المركزي، وخصه بمواجهة الاضطرابات وأعمال الشغب التي تعجز قوات الأمن العادية عن مواجهتها، ولم يتجاوز عدد جنود الأمن المركزي آنذاك خمسة آلاف جندي. ومع اتساع نطاق النضالات الجماهيرية في السبعينات اتسعت أيضا قوات الأمن المركزي حتى وصلت للذروة في أعقاب انتفاضة يناير 1977. وقد طورت الداخلية إستراتيجيتها وتكتيكاتها ضمن ما عرف بسياسة الأمن الوقائي في عهد النبوي إسماعيل، بما يعني توجيه ضربات اجهاضية لأي تحرك سياسي أو اجتماعي وهو لايزال في المهد. هكذا لم تتضاعف فحسب أعداد جنود الأمن المركزي حتى بلغت نصف مليون، بل انتقل تسليح الجهاز أيضاً من العصي والقنابل المسيلة للدموع والبنادق إلى المدافع الرشاشة والسيارات المدرعة وبعض الأسلحة الكيماوية، حتى اصبح يشبه إلى حد كبير الجيش النظامي.

حياة الجنود داخل المعسكرات:
______________________
ينظر أغلب جنود الأمن المركزي لفترة التجنيد على أنها عقوبة وتمر بأية صورة، فالمعسكرات بالنسبة لهم سجن، حيث يعيشون في معسكرات ضخمة من الخيام لا تتضمن أية مرافق مريحة، وهم ينامون على الأرض ولا تتوافر لهم دورات مياه آدمية. كما أن التغذية التي تصرف لهم لا تتناسب مع ما يبذلون من جهد شاق (وصل متوسط ثمن الوجبة عن اليوم الواحد شاملاً الإفطار والغداء والعشاء 93.7 قرشاً طبقاً لعقد توريد أغذية 1989/1990 وذلك بعد ما تحسنت التغذية كثيراً بعد أحداث فبراير 1986) وهم لا يحصلون على الوجبة الساخنة الوحيدة إذا جاء موعدها وهم في دورياتهم.

ولا يحصل جنود الأمن المركزي على إجازات إلا لمدد قليلة وعلى فترات متباعدة وهم يتعرضون إلى تدريبات شاقة ولا إنسانية ويتعامل معهم الضباط كأنهم آلات صماء بلا مشاعر أو إرادة. فمن بين أساليب تدريبهم إجبارهم على الوقوف ثماني ساعات لا يتحركون خلالها ولو لقضاء الحاجة فضلاً عن شحنهم ضد أي مشاعر إنسانية قد تنتابهم أثناء أداء مهمتهم بتدريبهم على ضرب بعضهم البعض.

الحياة في المعسكر بالنسبة لجندي الأمن المركزي تشبه السجن تماما.ً ويعمق إحساسهم بالظلم التناقض المخيف بين بؤس حياتهم في المعسكرات والرفاهية البادية في الأماكن التي يكلفون بحمايتها، من بنوك وشركات وسفارات وفنادق وملاهي وكازينوهات. وعلى حد قول لينين في مقاله "الجيش والثورة": "إن روح الحرية تتسرب إلى الثكنات في كل مكان، فالثكنة في روسيا أسوأ من سجن، وهم لا يقمعون الشخصية في أي مكان كما في الثكنة ولم يصل الضرب والتعذيب وإهانة الإنسان في أي مكان لهذه الدرجة. هذه الثكنات ستصبح بؤرة للثورة".

خمس سنوات علي حكم الديكتاتور:
__________________________
كان الفلاحون في مصر الفرعونية يستعبدون لمدة ثلاثة أشهر لبناء قصر لفرعون أو عام لشق قناة أو إقامة هرم ثم يفرج عنهم، أما الآن فإن جنود الأمن المركزي مستعبدون لمدة ثلاثة سنوات في ظل شروط عمل أشبه بنظام السخرة في معسكرات الاعتقال تحت حكم ستالين.

حدثت انتفاضة جنود الأمن المركزي في سياق أزمة متفاقمة للرأسمالية المصرية فبعد خمس سنوات من تولي الديكتاتور مبارك للحكم تقلصت عائدات البترول ومعها تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وارتفع معدل التضخم إلى حوالي 20 % وتراجع معدل النمو الاقتصادي (الذي بلغ حوالي 2.5 %) عن معدل نمو السكان وهو ما عنى انخفاض نصيب الفرد من الداخل (فضلاً عن سوء توزيع هذا الدخل)، كما بلغت الديون 32.5 مليار دولار. ومع احتدام الأزمة بدأت حكومة علي لطفي في اتخاذ مجموعة من القرارات الاقتصادية الجديدة علي طريق "الانفتاح" والهجمة علي حقوق ومكتسبات العمال وتكثيف معدلات الاستغلال. ومع تفاقم الأزمة ومحاولات حلها علي حساب الطبقة العاملة والفقراء، تصاعدت حدة الصراع الطبقي واندلعت الإضرابات الكبرى مثل إضرابي أسكو والمحلة في فبراير 1986 الذين شهدا مواجهات دموية بين العمال والدولة، وما تلاها من إضرابات عديدة خلال العام نفسه.

في سياق هذا المد من الصراع الطبقي جاءت انتفاضة الأمن المركزي. إن جنود الأمن المركزي الذين يقال أنهم "يخافون من أقل رتبة" كسروا كل القواعد وخرجوا عليها وأصبحوا ثوريين، فلأول مرة في تاريخ جهاز الأمن المركزي يتمرد الجنود علي الضباط والنظام حيث سئموا المهانة والذل ورؤية غيرهم يأكلون اللحم بينما هم لا يجدون الخبز.

يومي الانتفاضة 25 و26 فبراير:
_______________________
في مساء يوم الثلاثاء 25 فبراير خرج الآلاف من الجنود من معسكرين للأمن المركزي في منطقة الأهرامات مندفعين بخوذاتهم ورشاشاتهم وبنادقهم في مظاهرات مسلحة إلي فندق "الجولي فيل" وهو واحد من أحدث واضخم فنادق القاهرة ويقع في مواجهة أحد المعسكرين الذين بدأ منهما التحرك مباشرة، وتتيح واجهاته الزجاجية الفرصة ليشاهدوا ما يجري من ورائها ليدركوا مدى بؤس حياتهم في قراهم وداخل المعسكر. 

حطم الجنود هذه الواجهات الزجاجية ثم اقتحموا الفندق، وبدءوا يحرقون كل ما فيه، كما قاموا بإحراق فندق هوليداي سفنكس، ومبنى قسم شرطة الهرم، وفندق ميناهاوس، وبعض المحلات التجارية الكبيرة في المنطقة. وخلال ساعات استطاع الجنود احتلال منطقة الهرم بأكملها بما في ذلك مداخل طريق الإسكندرية الصحراوي وطريق الفيوم وترعة المنصورية. وفي الثالثة من صباح الأربعاء 26 فبراير أعلنت حالة الطوارئ وتم فرض حظر التجول في تلك المنطقة.

وفي حوالي السادسة صباحاً انتشرت قوات الجيش واحتلت عدداً من المواقع التي يتواجد فيها الجنود المتمردون، وبدءوا في حصار الجنود. وبعد معارك ضارية استطاعت قوات الجيش أن تسيطر علي المنطقة. وحتى ذلك الحين لم يكن ما يجرى في منطقة الأهرام قد امتد إلي بقية العاصمة، وما كادت ساعات صباح الأربعاء الأول تمر حتى بدأت الانتفاضة في أغلب معسكرات الأمن المركزي الأخرى في العاصمة، في شمالها وشرقها وجنوبها الغربي. وتعالت أصوات اشتباكات الرصاص مع قوات الجيش التي كلفت بسحب السلاح من جنود الأمن المركزي في كافة المعسكرات، بعد أن تزايدت الشكوك من اختراق سياسي واسع داخل جهاز الأمن المركزي.

وقعت أول هذه الأحداث في معسكر الهايكستب القريب من مطار القاهرة. وفي الثامنة والنصف تجمهر جنود الأمن المركزي بمعسكر لهم يقع في شارع جسر السويس، وحين وصلت القوات المسلحة إلي المعسكر اشتبك معهم الجنود وتحول الاشتباك إلي مطاردة في الشوارع الجانبية المتفرعة من جسر السويس، وشوهدت آثار الدماء علي أرض الشارع، واحترقت إحدى سيارات الجيش علي الأقل، وتم إغلاق شارع جسر السويس وتعزيز قوات الجيش. وفي الدراسة، حيث يقع معسكر ضخم لقوات الأمن المركزي، تبادل الجنود المحتشدون النار مع قوات الجيش، ولجأ بعض جنود الأمن المركزي إلي البيوت المحيطة بالمعسكر ومنطقة المقابر بعد نفاذ ذخيرتهم. أما في معسكر شبرا فقد رفض الجنود الاستسلام للجيش وانتشروا في المنطقة المحيطة بهم، وكادوا ينجحوا في تحطيم أكبر محطة للكهرباء في القاهرة. ويعد تحرك الأمن المركزي في منطقة طره أخطر التحركات جميعاً، فأثناء محاولة الجيش استلام المعسكر واجههم الجنود بإطلاق النار، وبدأت طائرات الجيش الهليكوبتر بقذفهم بالرصاص. وخرج جنود المعسكر بالآلاف فارين إلي الشوارع حاملين معهم أسلحتهم وتوجهوا إلي سجن طره واستطاعوا أن يقتحموا السجن ومساعدة السجناء علي الهرب وبحثوا عن الضباط كي يقتلوهم.

وقد بدأ الوضع يأخذ منحى آخر في شارع الهرم، حيث انحازت كتلة من الفواعلية وعمال التراحيل والشحاذين والطلاب والعاطلين عن العمل، الذين يسكنون في أفقر منطقة في الهرم هي الطالبية، إلي جنود الأمن المركزي، وبدءوا يشتركون معهم في تحطيم الكباريهات والفنادق الموجودة في المنطقة: كازينو الليل، والأهرام، وأوبرج الهرم، والأريزونا، وغيرها. عند هذا الحد انتاب الذعر الطبقة الحاكمة وتم إعلان حظر التجول في كافة مناطق العاصمة، وتم تحذير المواطنين من البقاء في شوارع المدينة بعد ساعتين من قرار الحظر، خوفاً من أن تشجع حركة الجنود فئات أخرى علي التحرك ضد النظام، خاصة أن عناصر من المهمشين والعاطلين بدأت تشارك جنود الأمن المركزي الفارين في الهجوم علي السيارات والمحلات التجارية في منطقة الدقي.

كان الوضع خارج القاهرة أقل حدة بكثير، حيث انحصرت انتفاضة الجنود في القليوبية والإسماعيلية وسوهاج داخل المعسكرات، واستطاعت قوات الجيش أن تحاصرهم وتنزع أسلحتهم بسهولة. وكان الاستثناء الوحيد في أسيوط حيث كانت الأحداث أشد عنفاً. ويقال أن محافظ أسيوط آنذاك زكي بدر (الذي أصبح وزيرا للداخلية مكافأة له علي دوره في مواجهة الأحداث) قد فتح الهويس (القناطر) في أسيوط للحيلولة دون وصول جنود الأمن المركزي من معسكرهم في البر الشرقي الذي أحرقوه وخرجوا منه، وذلك علي غرار حادثة كوبري عباس الشهيرة. واستخدم الجيش الطائرات لضرب جنود الأمن المركزي، ويوضح ما حدث في أسيوط خوف السلطة من تكرار ما حدث عام 1981 عندما استطاعت الجماعات الإسلامية المسلحة الاستيلاء علي القسم والسيطرة علي المدينة، فالجماعات الإسلامية كانت لا تزال متواجدة بكثافة في أسيوط آنذاك.

أين المعارضة؟
___________
كانت حصيلة انتفاضة الأمن المركزي أكثر من 107 قتيلاً معظمهم من الجنود 104 في القاهرة و3 في أسيوط و719 جريحاً. وبعد إعادة الجيش السيطرة علي الأوضاع، تم القبض علي آلاف من الجنود من مواقع الأحداث بالإضافة إلي أعداد من المهمشين، وأمام أحد أقسام الشرطة التي تعرضت للهجوم وقفت دبابات الجيش صفين بينهم طابور من العساكر المقبوض عليهم، واضعين أياديهم فوق رؤوسهم مثل الأسرى وعيونهم زائغة، معظمهم ضعاف الجسم قصار القامة، بعضهم يرتدي الزي العسكري وآخرون بالملابس الداخلية، مساقون إلي المذبح في مشهد يشبه إلي حد كبير صلب سبارتاكوس ورفاقه علي طريق روما. وتم طرد 21 ألف جندي من الخدمة.

وفور انتهاء عملية الذبح، سارع زعماء المعارضة (الوفد، والتجمع، والعمل، والأحرار) إلي لقاء مبارك، حيث أعربوا عن استنكارهم لانتفاضة الأمن المركزي، وتأييدهم المطلق لسياسة النظام في مواجهة الأحداث. وعلى الرغم من التغطية الجيدة نسبياً للأحداث بواسطة جريدة "الأهالي" لسان حال حزب التجمع، فإن موقف الحزب الرسمي كان شديد التخاذل، حيث صدر عن الحزب بيان "يستنكر الأحداث ويدعو لمشروع قومي يواجه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية". ويوضح لنا ذلك بجلاء مقدار انتهازية التجمع، حتى في ذلك الوقت، عندما تعرض النظام إلى تهديد حقيقي. أليس من الوقاحة حقاً أن يؤيد المرء مبارك في ذبحه لجنود الأمن المركزي ويدعوه في الوقت ذاته إلى مزيد من الديمقراطية؟! والأمر الجدير بالملاحظة هنا أن صاحب المبادرة في طرح هذا الموقف المتخاذل كان جناح "الصقور" داخل التجمع وقتها، فبناء علي اقتراح من صلاح عيسى اتصل حسين عبد الرازق بخالد محي الدين فور انتشار أخبار الأحداث وطرح عليه فكرة الاتصال برئيس الجمهورية لينقل له إدانة التجمع للانتفاضة ويطالبه في الوقت ذاته بالـ"ديمقراطية الصحيحة" وبضرورة معالجة الجذور الاقتصادية والاجتماعية لأحداث العنف. وبالفعل اتصل خالد محي الدين بمكتب الرئيس الذي تفضل وطلب من مدير مكتبه "الاتصال بالأستاذ خالد ليبلغه شكر الرئيس وتقديره" علي حد تعبير حسين عبد الرازق في كتابه "الأهالي: صحيفة تحت الحصار". 

وقد تبنى حسين عبد الرازق موقف معادي لانتفاضة الأمن المركزي علي صفحات الأهالي: "تعودنا أن ندافع عن حق العمال في الإضراب، ولكن أحداث هذه المرة شئ أخر.. أنها تمرد لا إضراب، والفرق بينهما كبير وواضح.. فرق بين الاحتجاج والتمرد.. الأول تعبير منظم عن مطالب وحقوق، والثاني تصرفات فوضوية مظاهرها التخريب والحرق والسلوك العشوائي.. ربما كان للأمن المركزي مطالب، وقد يكونوا أصحاب حقوق مهضومة.. لكن الأكيد أن هناك أسلوب آخر غير الرصاص للتعامل والتعبير". فهل حقاً كان هناك أمام عبيد عصرنا السعيد "أسلوب آخر للتعامل والتعبير"؟! وهل تسمح طبيعة جهاز الأمن المركزي بممارسة هذا الأسلوب الآخر؟!

عشرون عام علي الانتفاضة:
____________________
بعد عشرين عام من انتفاضة الأمن المركزي وما يقرب من ربع قرن علي حكم مبارك، وفي ظل تنامي السخط الجماهيري والمطالبة بالإطاحة بالنظام، من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مداً شديداً في الصراع الطبقي في ظل هجمة البرجوازية الشرسة والليبراليين الجدد علي مستويات معيشة الطبقة العاملة والطبقات الفقيرة.

في هذا السياق ينبغي أن نفهم جيداً مغزى انتفاضة الأمن المركزي فهؤلاء الجنود درع وزارة الداخلية الرهيب، هم في الأصل أبناء المعدمين والفقراء في الريف والمدينة يشعرون ببؤس حياتهم كبقية الجماهير العمالية والفلاحية. وقد أظهرت انتفاضتهم في 1986 وعيهم الطبقي الجنيني. وفي خضم الانتفاضة القادمة، من الممكن أن نجدهم يتمردون مرة أخرى علي النظام وينضمون للجماهير في حركة تهدف للتغيير الثوري بشرط أن يجدوا من يبلور المطالب التي تعبر عن مصالحهم ويقنعهم بوحدة المصير بينهم وبين جموع الجماهير الثائرة. وتلك مهمة لا تقدر عليها سوى حركة جماهيرية جذرية تطالب بالخبز والحرية.