Thursday, February 13, 2014

أتيش بهاتيا : مظاهر العشوائية


في ١٣ يونيو عام ١٩٤٤ — بعد أسبوع من غزو الحلفاء لنورماندي — سُمع صوت دوي عالٍ في جميع أرجاء سماء لندن التي أنهكتها الحرب، وكان مصدر الصوت أداة حربية ألمانية حديثة الصنع؛ إنها القنبلة الطائرة «في وان». كانت في وان — التي سبقت صنع صاروخ كروز — قنبلة طائرة ذاتية الدفع، تُوجَّه باستخدام أجهزة الجيروسكوب، ويزودها بالطاقة محرك نفاث نبضي بسيط يسحب الهواء ويحرق الوقود بمعدل ٥٠ مرة في الثانية الواحدة. وقد أعطت نبضات التردد العالية هذه القنبلة صوتها المميز؛ مما أكسبها لقب «القنابل الطنانة».
قنبلة طائرة.
قنبلة طائرة.
من شهر يونيو حتى شهر أكتوبر في عام ١٩٤٤، أطلق الألمان ٩٥٢١ قنبلة طنانة من سواحل فرنسا وهولندا، أصابت منها ٢٤١٩ قنبلة أهدافها في لندن. شعر البريطانيون بالقلق من دقة هذه الطائرات الآلية: هل كانت تسقط اعتباطيًّا على المدينة، أم أنها كانت تصيب أهدافها المحددة؟ هل تَوصَّل الألمان حقًّا إلى كيفية صنع قنبلة موجهة ذاتيًّا تبلغ أهدافها بدقة؟
لحسن الحظ، كان البريطانيون حريصين للغاية على إحصاء القنابل؛ فكانوا يتعقبون مكان ووقت سقوط كل قنبلة تقريبًا على لندن في أثناء الحرب العالمية الثانية. ومع وجود هذه البيانات، تمكنوا إحصائيًّا من التساؤل عما إذا كانت القنابل تسقط عشوائيًّا على لندن أم كانت محددة الأهداف. وكان هذا سؤالًا رياضيًّا له تبعات شديدة الواقعية.
تخيل للحظة أنك تعمل لحساب المخابرات البريطانية، وأُسندت إليك مهمة حل هذه المسألة، فيعطيك شخص ما ورقة عليها عدد هائل من النقاط، ومهمتك هي معرفة هل هي عشوائية النمط أم لا.
فلنجعل هذا الأمر ملموسًا. إليك الآن نمطين من كتاب ستيفن بينكر «الزوايا الأفضل لطبيعتنا»، وُضع أحدهما عشوائيًّا، بينما يحاكي الآخر نمطًا من الطبيعة. فهل تستطيع معرفة أيهما هذا أو ذاك؟
هل فكرت في الأمر؟
إليك شرح بينكر:
إن النمط الموجود على اليسار — الذي به تكتلات وخيوط وفراغات وخطوط (وربما ترى فيه، بِناءً على ما يسيطر على تفكيرك، حيوانات أو عراة أو صورًا لمريم العذراء) — هو النسق الذي رُسم بعشوائية، مثل النجوم. أما النمط الموجود على اليمين، الذي يبدو اعتباطيًّا، فهو النسق الذي تتباعد فيه النقاط بعضها عن بعض على نحو مماثل لحشرات سراج الليل.
صحيح، حشرات سراج الليل؛ تسجل النقاط الموجودة على اليمين مواقع حشرات الليل على سقف كهف ويتومو في نيوزيلندا. فهذه الحشرات لا تجلس مسترخية بعشوائية، وإنما تتنافس من أجل الحصول على الغذاء، وتدفع أنفسها بعيدًا بعضها عن بعض. فلديها حرص فطري على عدم التكتل معًا.
حاول أن تنثر بالتساوي حبات رمل على أحد الأسطح، وربما سيبدو الأمر كالنمط الموجود جهة اليمين. فمن الطبيعي أنك تتفادى الأماكن التي نُثرت فيها الرمال بالفعل، ولكن لا يوجد في العمليات العشوائية مثل هذا التحيز؛ فتسقط حبات الرمل ببساطة حيث يقدر لها، مكونة تكتلات وغيرها. وبذلك يشبه الأمر نثر الرمال وأنت مغمض العينين، والاختلاف الأساسي هو أن العشوائية ليست كالاتساق. فالعشوائية الحقيقية يمكن أن توجد بها تكتلات، مثل مجموعات النجوم المرصودة ليلًا على صفحة السماء المظلمة.
إليك مثالًا آخر، تخيل أستاذة تطلب من تلميذين لديها قذف عملة في الهواء ١٠٠ مرة، فأدى أحدهما هذه المهمة بعناية، وسجل نتيجته، أما الآخر، فكان متكاسلًا بعض الشيء، وقرر تزييف النتائج بدلًا من إجراء التجربة. فهل تستطيع تحديد أيٌّ منهما الطالب المتكاسل؟ (يُرمز لوجه العملة الذي يحمل الصورة بحرف «ص»، وللوجه الذي يحمل الكتابة بحرف «ك».)
التلميذ الأول
ك ص ص ص ك ص ك ك ك ك ص ك ك ص ك ك ك ص ص ك ص ك ك ص ك ص ص ص ك ص ك ص ص ك ص ك ك ص ص ك ك ك ك ص ك ك ك ص ك ص ك ك ص ص ك ك ك ك ك ك ك ك ص ك ص ص ص ص ص ك ص ك ص ك ص ك ص ك ص ك ص ص ص ص ص ك ص ص ك ك ك ك ك ص ك ك ص ص ك ص
التلميذ الثاني
ص ك ك ص ك ك ص ك ص ص ك ك ص ك ص ك ص ك ك ص ص ك ص ك ك ص ك ك ص ص ص ك ك ص ك ك ص ك ص ك ص ك ص ص ك ك ص ك ك ص ك ص ك ص ك ص ك ص ص ص ك ك ص ك ص ك ص ك ص ص ك ص ك ك ك ص ك ص ص ك ص ك ص ك ص ك ص ص ك ك ص ك ص ك ص ك ك ص ص ك
خذ دقيقة لتفكر في الأمر جيدًا.
اشتملت بيانات الطالب الأول على مجموعات؛ أي سلاسل طويلة من أحد وجهي العملة، تصل إلى ظهور الكتابة ثماني مرات متوالية في صف واحد. وربما يبدو الأمر مثيرًا للدهشة، لكن هذا فعليًّا هو ما تتوقعه من القذف العشوائي لإحدى العملات (أعرف ذلك تمام المعرفة؛ فقد قذفت العملة مائة مرة في الهواء حتى أحصل على هذه البيانات!) أما بيانات الطالب الثاني فإنها تخلو من المجموعات على نحو مثير للشك. في واقع الأمر، عند قذف الطالب الثاني للعملة مائة مرة في الهواء، لم تشتمل النتيجة ولو على سلسلة واحدة من أربعة تتابعات لوجه العملة الذي يحمل الكتابة أو الصورة أو أكثر في صف واحد. واحتمال حدوث هذا الأمر هو قرابة ٠٫١٪؛ مما يشير إلى أن الطالب زوَّر البيانات (وهذا ما فعلته بالفعل).
رسم: سكوت آدامز.
رسم: سكوت آدامز.
ربما تبدو محاولة معرفة عشوائية نمط من الأرقام من عدم عشوائيته كلعبة حسابية غامضة، لكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. يرجع تاريخ دراسة التقلبات العشوائية إلى الإحصائيات الجنائية الفرنسية في القرن التاسع عشر. فعندما كانت فرنسا تتمدن على نحو سريع، بدأت كثافة السكان تزداد في المدن، وأصبحت الجريمة والفقر مشكلات اجتماعية ملحة.
في عام ١٨٢٥، بدأت فرنسا تجمع إحصائيات عن المحاكمات الجنائية. وما حدث بعد ذلك ربما كان المثال الأول على استخدام التحليل الإحصائي في دراسة مشكلة اجتماعية. كان أدولف كيتوليه عالم رياضيات بلجيكيًّا، وواحدًا من رواد العلوم الاجتماعية الأوائل. وكان هدفه المثير للجدل هو تطبيق أفكار نظرية الاحتمالات المستخدمة في علم الفلك من أجل فهم القوانين التي تحكم البشر.
يقول عنه مايكل مالتز:
عند عثوره على اتساق في إحصائيات الجريمة يشبه تمامًا ذلك الذي اكتُشف في الملاحظات الفلكية، فقد كان يذهب إلى أنه مثلما يوجد موقع فعلي لأي نجم (رغم التفاوت في قياسات الموقع)، يوجد مستوًى فعلي للعمل الإجرامي؛ فقد طرح مفهوم «الرجل العادي» إضافةً إلى أخلاقيات الرجل العادي. وأكد كيتوليه على أن الرجل العادي لديه إحصائيًّا «ميل للجريمة» ثابت، يسمح ﻟ «عالم الفيزياء الاجتماعية» بحساب مسار بمرور الوقت «يكشف قوانين الحركة البسيطة ويسمح بالتنبؤ بالمستقبل».
(جيجورنتسه وآخرون، ١٩٨٩)
لاحظ كيتوليه أن معدل إدانة المجرمين أخذ في الانخفاض ببطء مع مرور الوقت، واستنتج أنه لا بد أن يكون هناك توجه تنازلي في «الميل للجريمة» فيما بين المواطنين الفرنسيين. كانت ثمة مشكلات في البيانات التي استخدمها، لكن الخطأ الجوهري في طريقته اكتشفه العالم الفرنسي سيمون دنيس بواسون الذي كان متقد الذكاء وواسع الثقافة.
كانت فكرة بواسون مبتكرة وحديثة على نحو ملحوظ؛ فأشار — بلغة عصرنا الحالي — إلى أن كيتوليه كان يفتقد وجود نموذج لبياناته؛ فلم يفسر كيف توصل المحلفون فعليًّا لقراراتهم. ويرى بواسون أن المحلفين كانوا عرضة للخطأ، فالبيانات التي ندرسها هي معدل الإدانات، لكن ما نريد معرفته هو احتمال كون المدَّعَى عليه مذنبًا. وهذان الأمران غير متماثلَين، لكن يمكن الربط بينهما، فتكون النتيجة عند أخذ هذه العملية في الاعتبار وجود قدر معين من التفاوت في معدلات الإدانة، وهذا ما يراه المرء في بيانات الجريمة في فرنسا.
في عام ١٨٣٧، نشر بواسون هذه النتيجة في «أبحاث عن احتمالية الأحكام في المسائل الجنائية والمدنية»، وقدم في هذا العمل صيغة نطلق عليها حاليًّا اسم «توزيع بواسون». تخبرك هذه الصيغة باحتمالات تسبب عدد ضخم من الأحداث نادرة الحدوث في نتيجة معينة (مثل توصل أغلبية المحلفين الفرنسيين إلى القرار الخطأ). على سبيل المثال، لنفرض أن البرق عادةً يضرب ٤٥ شخصًا في السنة. ضع هذا في صيغة بواسون، إضافةً إلى حجم السكان، وستظهر لك احتمالات إصابة ١٠ أفراد — مثلًا — بالبرق في السنة، أو ٥٠ فردًا أو حتى ١٠٠ فرد. فالفكرة أن صواعق البرق أحداث منفصلة ونادرة ويمكن حدوثها في أي وقت. بعبارة أخرى، يمكن أن تخبرك صيغة بواسون باحتمالات رؤية الأحداث غير المألوفة بمحض الصدفة.
رندال مونرو.
رندال مونرو.
ظهر أحد التطبيقات الأولى لصيغة السيد بواسون من جهة غير متوقعة — بعد ستين عامًا وبعد الحرب الفرنسية البروسية — في بروسيا عام ١٨٩٨، حيث كان لاديسلوس بورتكييفيش — وهو خبير إحصاء روسي من أصل بولندي — يحاول فهم السبب وراء وفاة عدد هائل من الجنود، خلال بضع سنوات، في جيش بروسيا نتيجة لركلات الخيول. ففي بعض الأحيان، كان يوجد ضمن فيلق واحد أربع حالات وفاة على هذا النحو في عام واحد. فهل كان هذا مجرد مصادفة؟ إن حدوث حالة وفاة واحدة نتيجة ركلة حصان أمر نادر (ومن المفترض أنه حادث منفصل، إلا إذا كان للأحصنة دوافع خفية). وقد أدرك بورتكييفيش أنه يستطيع استخدام صيغة بواسون لمعرفة عدد الوفيات المتوقع حدوثها. وإليك التوقعات بجوار البيانات الفعلية.
عدد الوفيات إثر ركلة حصان سنويًّاالحالات المتوقعة (بواسون)الحالات التي رصدت
٠١٠٨٫٦٧١٠٩
١٦٦٫٢٩٦٥
٢٢٠٫٢٢٢٢
٣٤٫١١٣
٤٠٫٦٣١
٥٠٫٠٨٠
٦٠٫٠١٠
انظر إلى اتساق الأرقام معًا ببراعة! إن عدد الوفيات المرتبطة بالخيول في صورة مجموعات منفصلة هو ما نتوقعه إذا كانت ركلات الأحصنة مجرد عملية عشوائية. فالعشوائية تصاحب المجموعات.
ريان نورث.
ريان نورث.
قررت أن أختبر هذا الأمر بنفسي؛ فبحثت عن مجموعات بيانات متاحة للعامة عن حالات الوفاة الناتجة عن أحداث نادرة، وعثرت مصادفةً على الملف الدولي لهجمات أسماك القرش، الذي يجدول الحوادث في جميع أنحاء العالم التي تهاجم فيها أسماك القرش الأشخاص. وفيما يلي بيانات هجمات أسماك القرش في جنوب أفريقيا.
السنةعدد هجمات القرش في جنوب أفريقيا
٢٠٠٠٤
٢٠٠١٣
٢٠٠٢٣
٢٠٠٣٢
٢٠٠٤٥
٢٠٠٥٤
٢٠٠٦٤
٢٠٠٧٢
٢٠٠٨٠
٢٠٠٩٦
٢٠١٠٧
٢٠١١٥
إن عدد هجمات القرش إلى حدٍّ ما ليس بالكثير، بل وقع بمتوسط ٣٫٧٥. لكن بالمقارنة بين عامي ٢٠٠٨ و٢٠٠٩، نجد أنه لا وجود في أحدهما لهجمات أسماك القرش، وفي العام اللاحق توجد ٦ هجمات، ثم في عام ٢٠١٠ توجد ٧ هجمات. وبذلك، يمكنك تخيل العناوين الرئيسية في الجرائد والمجلات صارخةً ﺑ «هجوم أسماك القرش!» لكن هل يوجد بالفعل اهتياج لأسماك القرش، أم أنك تتوقع رؤية أسماك القرش التي تهجم في مجموعات نتيجةً للصدفة؟ لمعرفة هذا، عقدتُ مقارنة بين البيانات وبين توقعات السيد بواسون.
«هل يستطيع أحد آخر رؤية زعنفة القرش؟» أحسنت، بواسطة Gareth_Elms@.
«هل يستطيع أحد آخر رؤية زعنفة القرش؟» أحسنت، بواسطة Gareth_Elms@.
يشير اللون الأزرق إلى عدد السنوات التي لوحظ فيها وجود ٠ أو ١ أو ٢ أو ٣ … هجمات لأسماك القرش. على سبيل المثال، يمثل العمود الأزرق الطويل السنوات الثلاث التي حدث فيها ٤ هجمات لأسماك القرش (وهي الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠٠٥ و٢٠٠٦). أما الخط الأحمر المتقطع، فهو توزيع بواسون، وهو يمثل النتائج التي لك أن تتوقعها حال كانت الهجمات عملية عشوائية بحتة. وهو يتوافق توافقًا حسنًا مع البيانات، إذ لم أجد دليلًا على وجود تجمعات للهجمات بخلاف التي توقعها توزيع بواسون (p=0.87). وأخشى أن يستبعد هذا احتمال وجود اهتياج لأسماك القرش في جنوب أفريقيا في عام ٢٠١٠. والدرس الذي نتعلمه من هذا مرة أخرى أن العشوائية ليست متسقة.
يعيدنا هذا إلى القنابل الطنانة، إليك تصورًا لعدد القنابل التي سقطت على أجزاء مختلفة، والذي أعاد تكوينه تشارلز فرانكلين باستخدام الخرائط الأصلية الموجودة في الأرشيف البريطاني في مقاطعة كيو.
القنابل الطائرة الساقطة على لندن، من الشمال الشرقي.
القنابل الطائرة الساقطة على لندن، من الشمال الشرقي.
توضيح: يوضح المخطط أعلاه توزيع القنابل التي أُلقيت على لندن. والسؤال الذي أطرحه الآن هو: إذا قربت الصورة عند أكثر جزء من المدينة تعرَّض للهجوم (فعليًّا هو الجبل الذي تراه في الشكل السابق)، فهل كانت القنابل موجَّهة على نحو أدق من أجل ضرب أهداف معينة؟
يبعد هذا كل البعد عن التوزيع المتسق، لكن هل يظهر هذا دليلًا على دقة تحديد الأهداف؟ في هذه النقطة، من المرجح أن بإمكانك تخمين كيفية الإجابة عن هذا السؤال. ففي تقرير بعنوان «تطبيق توزيع بواسون»، كتب خبير إحصاء بريطاني اسمه آر دي كلارك:
خلال الهجوم بالقنابل الطائرة على لندن، تكرر التأكيد على أن نقاط اصطدام القنابل كانت تميل للتجمع في مجموعات؛ وعليه تقرر تطبيق اختبار إحصائي من أجل اكتشاف ما إذا كان يمكن العثور على أي دعم لهذا الادعاء.
أخذ كلارك منطقة تعرضت لقصف شديد في جنوب لندن تبلغ مساحتها ١٢ كيلومترًا x ١٢ كيلومترًا، وجزَّأها على شبكة. وقد قسمها إجمالًا إلى ٥٧٦ مربعًا، حجم كلٍّ منها ٢٥ وحدة سكنية تقريبًا. وبعد ذلك أحصى عدد المربعات التي لم تسقط عليها أي قنابل، والتي سقطت عليها قنبلة واحدة أو قنبلتان وهكذا.
وإجمالًا، سقطت ٥٣٧ قنبلة على هذه المربعات التي يبلغ عددها ٥٧٦. وهذا يعني سقوط أقل من قنبلة واحدة على كل مربع في المتوسط. وضع كلارك هذا الرقم في صيغة بواسون من أجل معرفة كم المجموعات التي يتوقع المرء رؤيتها بالصدفة. وإليك الجدول المتعلق بهذا الأمر من بحثه:
عدد القنابل الطائرة في المربع الواحدعدد المربعات المتوقع (بواسون)عدد المربعات الفعلي
٠٢٢٦٫٧٤٢٢٩
١٢١١٫٣٩٢١١
٢٩٨٫٥٤٩٣
٣٣٠٫٦٢٣٥
٤٧٫١٤٧
٥ وأكثر١٫٥٧١
٥٧٦٫٠٠٥٧٦
قارن بين العمودين، وسيمكنك رؤية مدى قرب تحقق التوقعات على نحو لا يُصدَّق. فهناك ٧ مربعات ضُرب كلٌّ منها بأربع قنابل، لكن هذا ما يمكنك توقعه بفعل الصدفة. فعلى مساحة كبيرة من لندن، لم تكن القنابل محددة الأهداف، بل انهالت عشوائيًّا في لعبة روليت روسية مدمرة شملت المدينة بأكملها.
من السمات المميزة لتوزيع بواسون استخدامه في مختلِف الأماكن، ويكون بعضها غير ذي أهمية والبعض الآخر مؤثر للغاية على الحياة. ومن أمثلة ذلك عدد الطفرات في حمضك النووي مع تقدم خلاياك في العمر، وعدد السيارات التي تقف أمامك في إشارة المرور، وعدد المرضى أمامك في الصف عند غرفة الطوارئ، وعدد الأخطاء المطبعية في كل منشور على مدونتي، وعدد المرضى المصابين باللوكيميا في مدينة معينة، وأعداد المواليد والوفيات أو حالات الزواج والطلاق أو حالات الانتحار والقتل في سنة معينة، وعدد البراغيث التي يحملها كلبك.
سواءٌ في الأمور العادية أو في مسائل الحياة والموت، علَّمنا علماء العصر الفيكتوري أن العشوائية تلعب دورًا في حياتنا أكبر مما نعبأ بالاعتراف به. وللأسف، تقدم هذه الحقيقة القليل من العون عندما تكون أقدار الحياة ضدك.
يقول سيدني بواتييه: «يبدو لي أن كثيرًا مما يحدث في الحياة يتحدد بعشوائية بحتة.»

No comments:

Post a Comment