تخيل نفسك تشاهد فيلمًا، وما تشاهده لا علاقة له من قريب أو من بعيد بما تسمعه؛ هذا ما يحدث بالفعل مع الأطفال المصابين بالتوحُّد وفقًا لما توصَّل إليه العلماء بمعهد فاندربيلت لأبحاث المخ. فحاستا السمع والبصر منفصلتان لدى هؤلاء الأطفال؛ لأن المخ يفشل في ربط ما يرونه بما يسمعونه، الأمر الذي يترتب عليه فشلهم في إدراك ما يدور حولهم. يُشَبِّهُ العلماء ذلك بمشاهدة فيلم أجنبي سيئ الدبلجة، حيث الإشارات البصرية والسمعية لا تتوافق بعضُها مع بعض. توصل العلماء إلى ذلك من خلال إجراء تجربة شارك فيها ٣٢ طفلًا عاديًّا تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والثامنة عشرة، و٣٢ طفلًا مصابًا بالتوحد في مراحلَ مختلفة منه، وفيها أخضعوا الأطفال لسلسلة من الاختبارات تَعرِض مجموعة من الصور والأصوات ثم طُلب منهم توضيح أيٍّ من هذه المواقف البصرية أو السمعية حدثت في الوقت نفسه. فكانت النتيجة أن الأطفال المصابين بالتوحد يجدون صعوبة في ربط الإشارات البصرية والصوتية سريعًا؛ فعلى سبيل المثال عندما رأوا المطرقة تدق المسمار وسمعوا صوت الطَّرَقات، لم تتزامن الرؤية والسمع معًا في الوقت نفسه، وكان الفرق في الإدراك بينهم وبين الأطفال العاديين فرقًا زمنيًّا، ويترتب على هذا التأخُّر الزمني الكثير من التشويش في أذهانهم. وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تشير إلى أنه لا بد أن يركِّز الباحثون في التوحد على الطريقة التي يستقبل بها المتوحدون العالم وليس على سلوكياتهم؛ لأن طريقة معالجة المخ للمعلومات عند المتوحدين تختلف أيما اختلاف عن معالجة المعلومات عند الأشخاص الطبيعيين. ويرى العلماء أنه كلما أمكن معالجة هذا الخلل في وظائف الحواس الأولية، فربما أمكن إحراز تقدُّم في تعلم اللغة والتفاعلات الاجتماعية والتواصل.
Thursday, February 6, 2014
التوحد: فيلم سيئ الدبلجة
تخيل نفسك تشاهد فيلمًا، وما تشاهده لا علاقة له من قريب أو من بعيد بما تسمعه؛ هذا ما يحدث بالفعل مع الأطفال المصابين بالتوحُّد وفقًا لما توصَّل إليه العلماء بمعهد فاندربيلت لأبحاث المخ. فحاستا السمع والبصر منفصلتان لدى هؤلاء الأطفال؛ لأن المخ يفشل في ربط ما يرونه بما يسمعونه، الأمر الذي يترتب عليه فشلهم في إدراك ما يدور حولهم. يُشَبِّهُ العلماء ذلك بمشاهدة فيلم أجنبي سيئ الدبلجة، حيث الإشارات البصرية والسمعية لا تتوافق بعضُها مع بعض. توصل العلماء إلى ذلك من خلال إجراء تجربة شارك فيها ٣٢ طفلًا عاديًّا تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والثامنة عشرة، و٣٢ طفلًا مصابًا بالتوحد في مراحلَ مختلفة منه، وفيها أخضعوا الأطفال لسلسلة من الاختبارات تَعرِض مجموعة من الصور والأصوات ثم طُلب منهم توضيح أيٍّ من هذه المواقف البصرية أو السمعية حدثت في الوقت نفسه. فكانت النتيجة أن الأطفال المصابين بالتوحد يجدون صعوبة في ربط الإشارات البصرية والصوتية سريعًا؛ فعلى سبيل المثال عندما رأوا المطرقة تدق المسمار وسمعوا صوت الطَّرَقات، لم تتزامن الرؤية والسمع معًا في الوقت نفسه، وكان الفرق في الإدراك بينهم وبين الأطفال العاديين فرقًا زمنيًّا، ويترتب على هذا التأخُّر الزمني الكثير من التشويش في أذهانهم. وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تشير إلى أنه لا بد أن يركِّز الباحثون في التوحد على الطريقة التي يستقبل بها المتوحدون العالم وليس على سلوكياتهم؛ لأن طريقة معالجة المخ للمعلومات عند المتوحدين تختلف أيما اختلاف عن معالجة المعلومات عند الأشخاص الطبيعيين. ويرى العلماء أنه كلما أمكن معالجة هذا الخلل في وظائف الحواس الأولية، فربما أمكن إحراز تقدُّم في تعلم اللغة والتفاعلات الاجتماعية والتواصل.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment